على منازعة الشيطان وآدم عليه‌السلام وتحاكمهما إلى روح القدس ، حيث ورد في بعضها أنّ روح القدس أخذ ضغثاً من النار فرمى به على القضيبين والعنب في أغصانهما حتى ظن آدم أنه لم يبق منه وظن إبليس مثل ذلك ، قال : فدخلت النار حيث دخلت وذهب منهما ثلثاهما وبقي الثلث ، فقال الروح أما ما ذهب منهما فحظ إبليس وما بقي فلك يا آدم (١) ، لأن ظاهرها أن المحلل للثلث الباقي إنما هو ذهاب الثلثين بالنار.

وكيف كان ، فلا نرى إطلاقاً في شي‌ء من الأخبار. نعم ، ورد في بعض أخبار المسألة أنّ العصير إذا طبخ حتى يذهب منه ثلاثة دوانيق ونصف ثم ترك حتى برد فقد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه (٢) ، وقد دلت على أن ذهاب ثلثي العصير المعتبر في حليته لا يعتبر أن يكون حال غليانه بالنار بل لو ذهب منه مقدار كثلاثة دوانيق ونصف وهو على النار وذهب نصف الدانق منه بعد رفعه عنها كفى ذلك في حليته لأنّ مجموع الذاهب حينئذ أربعة دوانيق ، ثلاثة ونصف حال كونه على النار ونصف الدانق بعد أخذه منها لتصاعده بالبخار وهما ثلثان والباقي ثلث واحد وهو دانقان ، ولكن لا دلالة لها على كفاية ذهاب نصف الدانق الباقي في حلية العصير بمثل الشمس والهواء. والوجه فيه أنّ ذهاب نصف الدانق بعد أخذه من النار أيضاً مستند إلى غليانه بسببها ، لأنّ النار أغلته وأحدثت فيه الحرارة الموجبة لتصاعد المقدار الباقي منه بالبخار بعد أخذه من النار ، فلا يستفاد منها أن ذهاب نصف الدانق يكفي في حلية العصير ولو كان مستنداً إلى غير النار. على أنّا لو سلمنا دلالتها على كفاية ذهابه ولو بغير النار فإنما نلتزم بذلك في خصوص مورد الرواية وهو نصف الدانق فحسب ، وأما ذهاب مجموع الثلثين بغير النار فلم يدل على كفايته دليل. فالصحيح الاقتصار في الحكم بحلية العصير بعد غليانه بذهاب ثلثيه بالنار.

__________________

(١) هذا مضمون ما رواه في الوسائل ٢٥ : ٢٨٢ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٢ ح ٢ وهي رواية أبي الربيع الشامي.

(٢) رواه عبد الله بن سنان في الوسائل ٢٥ : ٢٩١ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٥ ح ٧.

۴۶۳