والمنفصل خلاف المتّصل ، وهو : العدد الحاصل من تكرّر الواحد (١) ، فإنّه منقسم إلى أجزاء بالفعل ، وليس بينها حدّ مشترك ، فإنّ الخمسة مثلا إذا قسّم إلى اثنين وثلاثة فإن كان بينهما حدّ مشترك من الأجزاء كانت أربعة أو من خارج كانت ستّة.
والمتّصل ينقسم إلى قسمين : قارّ وغير قارّ. والقارّ هو الثابت المجتمع الأجزاء بالفعل كالسطح. وغير القارّ هو الّذي لا تجتمع أجزاؤه المفروضة بالفعل كالزمان ، فإنّ كلّ جزء منه بالفعل قوّة للجزء التالي ، فلا يجتمعان بالفعل ، إذ فعليّة الشيء لا تجامع قوّته.
والقارّ ينقسم إلى الجسم التعليميّ (٢) ، وهو القابل للانقسام في جهاته الثلاث : العرض والطول والعمق ، والسطح ، وهو القابل للانقسام في الجهتين : العرض والطول ، والخطّ ، وهو القابل للانقسام في جهة واحدة.
والكمّ المنفصل ـ وهو العدد ـ موجود في الخارج بالضرورة (٣). والكمّ المتّصل غير القارّ ـ وهو الزمان ـ سيأتي إثبات وجوده في مباحث القوّة والفعل (٤).
وأمّا الكمّ المتّصل القارّ فالجسم التعليميّ والسطح موجودان في الخارج (٥) ،
__________________
(١) مثّلوا للكمّ المنفصل بالعدد قطّ ، لأنّ الكمّ المنفصل منحصر في العدد ، كما قال الشيخ الرئيس في الفصل الرابع من المقالة الثالثة من الفنّ الثاني من منطق الشفاء : «وأمّا المنفصلة فلا يجوز أن تكون غير العدد».
(٢) قال شمس الدين محمّد بن مباركشاه المرويّ في شرح حكمة العين : ٢٧٠ : «وإنّما سمّي تعليميّا ؛ لأنّه المبحوث عنه في العلوم التعليميّة ، أي الرياضيّة».
(٣) هذا مذهب الحكماء ، فراجع الفصل الخامس من المقالة الثالثة من إلهيّات الشفاء ، والتحصيل : ٣٧٥. خلافا للمتكلّمين ، فإنّهم أنكروا العدد ، فراجع كشف المراد : ١٠٥ ، وشرح المقاصد ١ : ١٨٥ ، وشرح المواقف : ٢٠٧ ـ ٢٠٩.
(٤) في الفصل الحادي عشر من المرحلة التاسعة.
(٥) هذا مذهب الحكماء ، راجع الفصل الرابع من المقالة الثالثة من إلهيّات الشفاء ، والتحصيل : ٣٧٥. وأمّا المتكلّمون فأنكروا المقدار الّذي هو الجسم التعليميّ والسطح ، راجع شرح المقاصد ١ : ١٨٥ ـ ١٨٦ ، وشرح المواقف : ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، وكشف المراد : ٢٠٧.