والمعلول الواحد لا يكون له إلّا علّة واحدة ، فللمادّة فاعل أعلى وجودا من المادّة ، والمادّيّات يفعل المادّة (١) ويحفظ وجودها باتّحاد صورة عليها بعد صورة ؛ فالصورة شريكة العلّة للمادّة.
لا يقال (٢) : المادّة ـ على ما قالوا ـ واحدة بالعدد (٣) ، وصورة مّا واحدة بالعموم ، والواحد بالعدد أقوى وجودا من الواحد بالعموم ، فلازم علّيّة صورة مّا للمادّة كون ما هو أقوى وجودا (٤) معلولا للأضعف وجودا (٥) ، وهو محال.
__________________
(١) أي : يؤثّر هذا الفاعل في المادّة.
قال المحقّق الآمليّ : «وأمّا الهيولى فهي وجودها محتاجة إلى طبيعة الصورة ، لا بمعنى انّ طبيعة الصورة فاعل الهيولى ومعطي وجودها ، بل بمعنى كون الوجود مفيضا عليها من علّتها الّتي هي العقل المفارق والمعقب القدسيّ من ممرّ الصورة ، فتكون الصورة شريكة لعلّتها ، أي الوجود يمرّ عليها ويفاض على الهيولى». درر الفوائد ٢ : ١٧٠.
(٢) تعرّض لهذا الإشكال الشيخ الرئيس في الفصل الرابع من المقالة الثانية من إلهيّات الشفاء. وأشار إليه أيضا في الإشارات حيث قال : «وهاهنا سرّ آخر». فراجع شرح الإشارات ٢ : ١٢٥ ـ ١٢٦.
(٣) إنّ الواحد العدديّ يطلق على معان :
الأوّل : الواحد بالوحدة الشخصيّة. ويقابله الواحد بالعموم كالواحد النوعيّ والجنسيّ وغيرهما.
الثاني : الواحد بشرط لا الّذي هو في عرض مراتب الأعداد كالاثنين والثلاثة والأربعة ونحوها ، ويقابله الواحد بالوحدة الحقّة.
الثالث : الواحد بالوحدة اللا بشرط الّذي هو مقوّم الأعداد في طول المراتب لا في عرضها. وهو آية التوحيد الخاصّيّ في الوجودات ، أي الوحدة الحقّة الحقيقيّة الوجوبيّة.
وبه يفسّر قوله عليهالسلام : «يا إلهي لك وحدانيّة العدد». وقوله عليهالسلام : «الواحد بلا تأويل عدد».
والمراد من الواحد العدديّ في المقام هو الأوّل. قال الحكيم السبزواريّ في تعليقته على الأسفار ٢ : ٣٢٨ : «وأمّا الوحدة العدديّة المصطلحة للحكماء فيطلق على وحدته البتّة ، فإنّهم يسمّون الوحدة الشخصيّة وحدة عدديّة ، والشخص واحدا بالعدد».
(٤) وهو المادّة الّتي هي ذات شخصيّة.
(٥) وهو الصورة المبهمة الكلّيّة. والوجه في أضعفيّتها وجودا أنّ المراد بالصورة هو الكلّيّ الطبيعيّ الّذي إنّما يوجد بوجود شخصه ، وهو المادّة.