يكون بنحو من البيان الشبيه بالبرهان اللمّيّ» (١).
فامتناع الماهيّة ـ الّذي سلكنا إلى بيانه من طريق امتناع الإمكان عليه تعالى مثلا ـ هو وامتناع الإمكان جميعا يرجعان إلى نفي بطلان الوجوب الذاتيّ الممتنع عليه (٢) تعالى ، وقد استحضره (٣) العقل بعرض الوجوب الذاتيّ المنتزع عن عين الذات.
واعلم أنّه كما تمتنع الملازمة بين ممتنعين بالذات كذلك يمتنع استلزام الممكن لممتنع بالذات ، فإنّ جواز تحقّق الملزوم الممكن مع امتناع اللازم بالذات ـ وقد فرضت بينهما ملازمة ـ يستلزم تحقّق الملزوم مع عدم اللازم ، وفيه نفي الملازمة ، هذا خلف (٤).
وقد اورد عليه بأنّ عدم المعلول الأوّل وهو ممكن يستلزم عدم الواجب بالذات وهو ممتنع بالذات ، فمن الجائز أن يستلزم الممكن ممتنعا بالذات ، كما أنّ من الجائز عكس ذلك ، كاستلزام عدم الواجب عدم المعلول الأوّل.
ويدفعه : أنّ المراد بالممكن هو الماهيّة المتساوية النسبة إلى جانبي الوجود والعدم. ومن المعلوم أنّه لا ارتباط لذاتها بشيء وراء ذاتها الثابتة لذاتها بالحمل الأوّلي ، فماهيّة المعلول الأوّل لا ارتباط بينها وبين الواجب بالذات.
نعم ، وجودها مرتبط بوجوده واجب بوجوبه ، وعدمها مرتبط عقلا بعدمه ممتنع
__________________
ـ شبيه باللمّيّ». راجع الأسفار ٦ : ٢٩.
(١) البرهان اللمّيّ هو الّذي يسلك فيه من العلّة بالمعلول ، وإذ لا علّة لوجود الواجب تعالى وليس هو تعالى معلولا فلا يمكن إثبات الصانع بالبرهان اللمّيّ.
وقال الحكيم السبزواريّ فيما علّق على الأسفار : «لا يلتزم أنّه برهان لمّيّ بل شبيه باللمّيّ ، لكن على أنّه فوق اللمّيّ لا أنّه دونه. أمّا أنّه ليس بلمّيّ حقيقة فهو ظاهر ، إذ ليس هو تعالى معلولا. وأمّا أنّ الاستدلال من حقيقة الوجود على الوجوب فوق اللمّ فلأنّ كلّ لمّ مستعير في الإنارة من نور حقيقة الوجود ...» راجع تعليقته على الأسفار ٦ : ٢٩ الرقم ٣.
(٢) قوله : «الممتنع عليه» صفة لبطلان الوجوب الذاتيّ. وفي بعض النسخ «إلى بطلان الوجوب الذاتيّ الممتنع عليه» ، والصحيح ما اثبتناه.
(٣) الضمير يرجع إلى نفي بطلان الوجوب الذاتيّ.
(٤) راجع الأسفار ١ : ١٩١ ـ ١٩٦ ، وحاشية المحقّق الدوانيّ على شرح التجريد القوشجيّ : ٣٤.