فالذاتية لا بد أن تتم في الجواهر.

وأورد عليه أيضا ، أن القوم صححوا ارتباط ، هذه الأعراض المتجددة إلى المبدإ الثابت ، من طبيعة وغيرها بنحو آخر ، وهو أن التغير لاحق لها من خارج ، كتجدد مراتب قرب وبعد ، من الغاية المطلوبة في الحركات الطبيعية ، وكتجدد أحوال أخرى في الحركات القسرية ، التي على خلاف الطبيعة ، وكتجدد إرادات جزئية منبعثة من النفس ، في كل حد من حدود الحركات النفسانية ، التي مبدؤها النفس.

وأجيب عنه بأنا ننقل الكلام ، إلى هذه الأحوال والإرادات المتجددة ، من أين تجددت ، فإنها لا محالة تنتهي ، في الحركات الطبيعية إلى الطبيعة ، وكذا في القسرية ، فإن القسر ينتهي إلى الطبيعة ، وكذا في النفسانية فإن الفاعل المباشر ، للتحريك فيها أيضا الطبيعة كما سيجيء (١).

ويمكن أن يستدل على الحركة في الجوهر بما تقدم (٢) : أن وجود العرض من مراتب وجود الجوهر ، من حيث كون وجوده في نفسه عين وجوده للجوهر ، فتغيره وتجدده تغير للجوهر وتجدد له.

ويتفرع على ما تقدم أولا ، أن الصور الطبيعية المتبدلة ، صورة بعد صورة على المادة بالحقيقة ، صورة جوهرية واحدة سيالة ، تجري على المادة ، وينتزع من كل حد من حدودها ، مفهوم مغاير لما ينتزع من غيره.

هذا في تبدل الصور الطبيعية بعضها من بعض ، وهناك حركة اشتدادية جوهرية أخرى ، هي حركة المادة الأولى إلى الطبيعية ، ثم النباتية ثم الحيوانية ثم الإنسانية.

وثانيا أن الجوهر المتحرك في جوهره ، متحرك بجميع أعراضه ، لما سمعت

__________________

(١) في الفصل السادس عشر.

(٢) في الفصل الثالث من المرحلة الثالثة.

۱۸۴۱