زمان وجود الآخر ، فكان الأكثر زمانا هو القديم ، والأقل زمانا هو الحادث والحديث ، وهما وصفان إضافيان ، أي إن الشيء الواحد ، يكون حادثا بالنسبة إلى شيء ، وقديما بالنسبة إلى آخر ، فكان المحصل من مفهوم الحدوث هو ، مسبوقية الشيء بالعدم في زمان ، ومن مفهوم القدم عدم كونه مسبوقا بذلك.

ثم عمموا مفهومي اللفظين ، بأخذ العدم مطلقا يعم العدم المقابل ، وهو العدم الزماني الذي لا يجامع الوجود ، والعدم المجامع الذي هو عدم الشيء في حد ذاته ، المجامع لوجوده بعد استناده إلى العلة.

فكان مفهوم الحدوث مسبوقية الوجود بالعدم ، ومفهوم القدم عدم مسبوقيته بالعدم ، والمعنيان من الأعراض الذاتية لمطلق الوجود ، فإن الموجود بما هو موجود ، إما مسبوق بالعدم وإما ليس بمسبوق به ، وعند ذلك صح البحث عنهما في الفلسفة.

فمن الحدوث الحدوث الزماني ، وهو مسبوقية وجود الشيء بالعدم الزماني ، كمسبوقية اليوم بالعدم في أمس ، ومسبوقية حوادث اليوم بالعدم في أمس ، ويقابله القدم الزماني ، وهو عدم مسبوقية الشيء بالعدم الزماني ، كمطلق الزمان الذي لا يتقدمه زمان ولا زماني ، وإلا ثبت الزمان من حيث انتفى هذا خلف.

ومن الحدوث الحدوث الذاتي ، وهو مسبوقية وجود الشيء بالعدم في ذاته ، كجميع الموجودات الممكنة ، التي لها الوجود بعلة خارجة من ذاتها ، وليس لها في ماهيتها وحد ذاتها إلا العدم.

فإن قلت الماهية ليس لها في حد ذاتها إلا الإمكان ، ولازمه تساوي نسبتها إلى الوجود والعدم ، وخلو الذات عن الوجود والعدم جميعا ، دون التلبس بالعدم كما قيل.

قلت الماهية وإن كانت في ذاتها ، خالية عن الوجود والعدم ، مفتقرة في

۱۸۴۱