والسرّ فيه أنّ الواجب في مواضع التخيير ليس هو خصوص التمام ليصدق أنّ الوقت لم يبق إلاّ بمقدارها ، بل الواجب هو الجامع بين القصر والتمام ، وأمّا التمام والقصر فهما ليسا بمأمور به في حقّه ، ومن الظّاهر أنّ الوقت بالإضافة إلى الجامع بين القصر والتمام موسع والمكلّف متمكن منه ومن الفريضة الأُولى ، كما إذا أوجد الجامع في ضمن فرده القصير ، واختيار أحد عدلي التخيير لا يوجب التعيين ليقال إنّ الصّلاة تماماً هي المتعيّنة والمأمور بها في حقّه ، ومع عدم صدق المستثنى في المقام لا يصحّ الإتيان بالصلاة تماماً ، لإطلاق أدلّة الاشتراط حيث إنّها تدلّ على بطلانها لوقوعها قبل صلاة الظهر ولم تقع بعدها فتبطل.

وأمّا في موارد قصد الإقامة عشراً فالصحيح الحكم بصحّة صلاتها تماماً ، وذلك لأنّها وإن ارتكبت محرماً بقصدها الإقامة وتفويتها للواجب إلاّ أنّ فعلها المحرم هذا أوجب انقلاب موضوع الحكم بالصلاة قصراً إلى موضوع آخر يجب عليها التمام بسببه ، وذلك لأنّ الموضوع في الحكم بوجوب التمام على المسافر قصده الإقامة عشرة أيّام سواء أكان قصده جائزاً أم محرماً ، ومع القصد يجب التمام وإذا أتى به وقعت صحيحة.

نعم ، كما يحرم عليها قصد إقامة العشرة كذلك يجب العدول عليها عن قصد الإقامة ، لأنّ تركه تفويت للواجب اختياراً ، إلاّ أنّها إذا قصدت الإقامة ولم تعدل عن قصدها وقعت صلاتها التمام صحيحة ، لتحقّق موضوعه وهو قصد إقامة عشرة أيّام وهذا بخلاف المقام ، فإنّ اختيارها التمام في مواضع التخيير لا يوجب قلب الموضوع بوجه.

ثمّ إنّه لا يفرق فيما ذكرناه في المقام من الحكم ببطلان الصّلاة تماماً في مواضع التخيير بين القول بأن صلاتي القصر والتمام طبيعة واحدة بحيث يجوز العدول من التمام إلى القصر وبالعكس في مواضع التخيير ، بل تصحّ الصّلاة وإن لم ينو القصر ولا التمام إلاّ أنّه سلّم بعد الركعتين أو لم يسلم إلاّ بعد أربع ركعات ، فإنّه نوى طبيعي الصلاة ، والتمام والقصر من طبيعة واحدة ، كما هو الحال في السّورة الواجب قراءتها في‌

۴۹۱