لا كفّارة على الجاهل

والصحيح عدم وجوب الكفّارة على الجاهل القاصر والمقصّر مطلقاً ، لا في المقام ولا في الحج ولا في الصيام ولا غيرها من المقامات ما لم يقم عليه دليل في مورد ، بلا فرق في ذلك بين الجهل بالحكم والجهل بالموضوع.

وذلك للأخبار الواردة في موارد خاصّة ولما دلّ على نفي وجوب الكفّارة على الجاهل مطلقاً ، كصحيحة عبد الصمد بن بشير ، حيث سئل فيها عن المحرم لبس المخيط ، وقال له النّاس أفسدت عملك وأبطلت نسكك ، فسأله عليه‌السلام عن حكمه ، فقال له عليه‌السلام ألبسته قبل الإحرام أم بعده؟ قال : بل قبله ، قال عليه‌السلام « لا شي‌ء عليك معلّلاً بقوله : أيّما رجل ركب أمراً بجهالة فلا شي‌ء عليه (١).

وهي وإن كانت واردة في الإحرام إلاّ أنّ عموم تعليلها يشمل المقام ، ومقتضاها عدم ترتب الأثر على الفعل الصادر عن جهالة من الكفّارة والحد ، وأمّا الإجماع القائم على أنّ الجاهل المقصّر كالمتعمد فهو راجع إلى توجّه الخطاب وتنجيز الحكم ، لوجوب التعلّم عليه ومع تركه يكون مستحقّاً للعقاب ويكون ما أتى به معصية محرماً ، إلاّ أنّ الآثار المترتبة عليه من الحدّ والكفّارة وغيرها ترتفع عنه بتلك الرّوايات.

وقد دلّنا التعليل المذكور على أنّ العمل المأتي به بجهالة لا يترتّب عليه شي‌ء من الآثار كالكفّارة ونحوها ، وأمّا نفس العمل فهو باطل إذا كان غير مطابق للمأمور به ويجب قضاؤه ، فإذا أتى بمفطر في نهار شهر رمضان بجهالة لم تجب عليه الكفّارة وإن فسد صومه ووجب عليه قضاؤه ، وكذلك الحال في الإحرام وغيره.

وعليه ففي مقامنا وإن أتى المكلّف بحرام إلاّ أنّه لمّا صدر عن جهالة لم تترتب عليه الكفّارة شرعاً ، بلا فرق في ذلك بين الجهل القصوري والتقصيري.

وكصحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج الواردة فيمن تزوّج امرأة في عدّتها عن جهالة ، قال : لا شي‌ء عليه ، يتزوّجها بعد انقضاء عدّتها ، فإنّ النّاس قد يعذرون فيما‌

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٤٨٨ / أبواب تروك الإحرام ب ٤٥ ح ٣.

۴۹۱