بالصلاة بداعي الرّجاء والاحتمال كما ذكره الفقهاء ، فإنّ المرأة حينئذ إن كانت طاهرة في الواقع فقد أتت بفريضتها ، وإن كانت حائضاً فلم ترتكب محرماً ، لأنّها أتتها بالاحتمال فلا حرمة تشريعيّة في البين كما لا حرمة ذاتيّة ، فيستفاد من منع الإمام عليه‌السلام عن ذلك وأمرها بترك الصّلاة أنّها محرمة على الحائض بالذات بحيث لو كانت حائضاً في الواقع وأتت بها ولو رجاءً ارتكبت محرّماً ، لأنّ الصّلاة بذاتها محرمة.

وقد ذكر المحقّق الهمداني (١) قدس‌سره أنّ هذه الرّواية صريحة أو كالصريحة في أنّ العبادة من الحائض محرمة بالذات.

ولكن الجواب عن ذلك ظاهر ، وهو أنّ المحكي من كلام الفقهاء في هذه الرّواية غير مشتمل على إفتائهم بأنّ المرأة تأتي بصلاتها حينئذ بداعي الاحتياط والرّجاء بل ظاهره أنّهم أفتوا بوجوب الصّلاة عليها كما كانت تصلّي في الأيّام السابقة ، أعني بقصد أمرها نظراً إلى أنّها إن كانت طاهرة فقد أتت بوظيفتها ، وإن كانت حائضاً فلم تأت بالحرام وإنّما وقعت صلاتها لغواً ، وقد غفلوا عن أنّ إتيانها بقصد الأمر حينئذ تشريع محرم ، لأنّ الحائض غير مأمورة بالصلاة ، ومن هنا لم يرتض به الإمام عليه‌السلام وقال : أنّها تتقي الله وتمسك عن الصّلاة ، أي عن تلك الصّلاة الّتي أوجبها الفقهاء ، وهي الصّلاة كالصلاة في الأيّام السابقة ، وذلك لأنّها تشريع محرم. ثمّ بيّن طريق استكشاف أنّ الدم حيض أو دم عُذرة ، فلا تعرّض في الرّواية لحكم إتيان المرأة الصلاة بداعي الرّجاء والاحتمال نفياً ولا إثباتاً ، حتّى يقال إن منعه عليه‌السلام عن الصّلاة بداعي الاحتياط كاشف عن أنّ الصّلاة محرمة على الحائض في ذاتها ، وإلاّ لم يكن وجه لمنعه عليه‌السلام عن الاحتياط.

وعليه فحال هذه الرّواية حال بقيّة الأخبار الناهية عن الصّلاة في أيّام الحيض كقوله « لا تحل لها الصّلاة » (٢) وقوله « تدع الصّلاة » (٣) وغير ذلك من العبائر ، وقد‌

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٢٨٥ السطر ٢.

(٢) الوسائل ٢ : ٣٤٣ / أبواب الحيض ب ٣٩ ح ١.

(٣) الوسائل ٢ : ٢٧٦ / أبواب الحيض ب ٣ ح ٤.

۴۹۱