واجب في نفسه فلا. وأصرح من ذلك موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قلت له : المرأة ترى الطّهر وترى الصفرة أو الشي‌ء فلا تدري أطهرت أم لا؟ قال : فإذا كان كذلك فلتقم فلتصق » (١) حيث صرحت بأن الاستبراء إنّما هو لمعرفة الحال واستخبار أنّها طاهرة أو حائض ، لا أنّه واجب نفسي.

وهاتان الرّوايتان هما العمدة في المقام ، ولا يعتمد على غيرهما من الرّوايات ، فهذا الاحتمال ساقط أيضاً.

الثّالث : أنّ الاستبراء واجب شرطي فلو اغتسلت من دون استبراء بطل غسلها لأنّ ذلك ظاهر الصحيحة المتقدِّمة نظير قوله تعالى : ﴿ ... إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... (٢).

وهذه الدّعوى لا يمكن المساعدة عليها ، لأنّ الصحيحة وإن أمكن دعوى ظهورها في ذلك إلاّ أنّ الموثقة المتقدّمة كالصريحة في أنّ الاستبراء إنّما أُمر به لأنّه الطريق إلى معرفة الحال واستخبار أنّها حائض أو طاهرة ، حيث دلّت على أنّ الحائض عند انقطاع دمها ظاهراً ليس لها أن تعتمد على استصحاب عدم النّقاء باطناً مع أنّه الغالب عند انقطاع الدم ظاهراً ، لأنّ الحيض بحسب البقاء لا يعتبر فيه الرؤية والخروج ، بل إنّ وجود الدم في الباطن أيضاً يكفي في الحكم بالحيضيّة ، ومع الشكّ في أنّه انقطع أم لم ينقطع فالأصل عدم النّقاء والانقطاع ، ومع كون هذا هو الأمر الغالب لم يرجعها الإمام عليه‌السلام إليه بل أرجعها إلى استدخال القطنة في كلّ من الصحيحة والموثقة.

فعلمنا من ذلك أنّ الاستصحاب لا يجري في المقام ، ومع سقوطه لا طريق إلى معرفة الحال غير الاستبراء ، فهو إنّما أُمر به لأجل فائدة الاستخبار وتحصيل العلم بالحال ، لا أنّه قيد في الاغتسال ، ولا يمكن قياسه بالوضوء ، لأنّ في المقام قد أُشير إلى‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٣٠٩ / أبواب الحيض ب ١٧ ح ٤.

(٢) المائدة ٥ : ٦.

۴۹۱