السبب ، ومن هنا لو رأت الدم ثلاثة أيّام في أحد الشّهرين بالوجدان ورأت في الشهر الثّاني زائداً على العشرة ولكن كانت ثلاثة أيّام منها بصفات الحيض تتحقّق العادة بضمّ الوجدان إلى التعبد لو قلنا بثبوت العادة بالتمييز.

فإذن الأمر يدور بين أن نلتزم بثبوت العادة بالتمييز مطلقاً وإن كانت الأمارة القائمة على الحيضيّة مختلفة في الشّهرين بحيث لو تجاوز دمها العشرة في الشهر الثالث اتّخذت عادتها الثّابتة بالتمييز حيضاً والباقي استحاضة ، وبين أن لا نقول بتحقّق العادة بالتمييز مطلقاً ، ففي الشهر الثّالث لو تجاوز دمها العشرة أيضاً ترجع إلى التمييز بالصفات ، فما كان بصفات الحيض ، جعلته حيضاً وإن كان أقل أو أكثر ممّا رأته في الشّهرين المتقدّمين ، ولا ترجع إلى العادة الثّابتة بالتمييز ، كما التزم به الماتن قدس‌سره في أوّل مسألة من مسائل تجاوز الدم العشرة وسيأتي أنّه ممّا ينافي ما ذكره في المقام.

وكيف كان ، التفصيل المتقدّم عن شيخنا الأنصاري قدس‌سره ممّا لا وجه له ، وظاهر الجواهر التنظر في تحقّق العادة بالتمييز مطلقاً إن لم يكن إجماع متحقّق (١).

والصحيح عدم تحقّق العادة بالتمييز مطلقاً ، ولم يقم إجماع تعبدي على تحقّق العادة بذلك بحيث يصل إليهم يداً بيد عن المعصومين عليهم‌السلام ، لأنّ حكمهم هذا أمر موافق للقاعدة لقيام الأمارة مقام القطع الطريقي كما عرفت ، وحيث إنّ الصفات أمارة الحيض فذهبوا إلى أنّ الأمارة تقوم مقام القطع بتحقّق العادة لا محالة ، ومعه كيف يكون الإجماع تعبديّاً ، وإنّما هو مدركي فلا بدّ من ملاحظة ذلك المدرك.

ولا نريد بإنكار تحقّق العادة بالتمييز المنع عن قيام الأمارة مقام القطع الطريقي ، بل نلتزم بذلك ، ومن هنا لو كانت المرأة ذات عادة إلاّ أنّها نسيتها في الشهر الثّالث وقامت الأمارة على أنّها كانت خمسة أيّام مثلاً أو أنّ عادتها كانت التحيض من أوّل الشهر كانت الأمارة حجّة ، وبها تثبت عادتها لا محالة. وإنّما غرضنا أنّ العادة لا تتحقّق بالصفات ، بل يعتبر فيها ان تتحقّق بالوجدان ، لا أنّ الأمارة لا تقوم مقام‌

__________________

(١) الجواهر ٣ : ١٧٨ / الفصل الثّاني في الحيض.

۴۹۱