صغيراً إلاّ أنّه لم يشهد إلاّ بعد بلوغه فإنّه يعتمد على شهادته ، وإنّما لا يعتمد على شهادته فيما إذا كان صغيراً حال الشّهادة ، ولم يعلم أنّ الرّجل كان صغيراً حين روايته ، بل يمكن دعوى العلم بعدم كونه صغيراً حينئذ ، لأنّ الرّجل بعد ما ثبتت وثاقته وعدالته كما يظهر عن قريب لو كان نقلها حال صغره لبيّنه ، وإلاّ كان ذلك تدليساً قادحاً في عدالته.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ الظّاهر أنّ محمّد بن عيسى لم يكن صغير السن في زمان ابن محبوب بل كان من الرّجال ، فإنّه من أصحاب الرّضا عليه‌السلام وقد استنابه في الحج عنه ، وهذا لا يلائم صغره كما لا يخفى على من رجع إلى ما كتبوه في الرّجال من تاريخ ولادته وتاريخ وفاة ابن محبوب فليراجع.

وأمّا ما ذكره الشّهيد الثّاني وابن طاوس قدس‌سرهما فلا دلالة له على ضعف الرّجل بوجه ، لأنّه كما روى الأخبار المشتملة على ذم زرارة روى بنفسه بعض الأخبار المادحة له ، وحيث إنّ الرّجل ثقة عين كما يأتي نقله عن النّجاشي وغيره فلا يمكننا حمل ذلك على انحرافه في زرارة وتعمّده في جعله ، بل نبني على أنّ كلاًّ من المدح والذم منهم عليهم‌السلام لحفظ زرارة وحقن دمه ، كما أنّ الخضر على نبيّنا وآله وعليه‌السلام قد خرق السفينة لحفظها من غصب الظّالم ، هذا كلّه.

أضف إلى ذلك أنّ تضعيف ابن الوليد أو غيره ممّا لا يمكن الاعتماد عليه في مقابل توثيق النّجاشي للرجل بقوله محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى ، مولى أسد بن خزيمة ، أبو جعفر ، جليل في أصحابنا ثقة عين كثير الرّواية حسن التصانيف روى عن أبي جعفر الثّاني عليه‌السلام مكاتبة ومشافهة ، وذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنّه قال : ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه ، ورأيت أصحابنا ينكرون هذا القول ويقولون : مَن مثل أبي جعفر محمّد بن عيسى! (١).

فإنّ هذا يدلّنا على أنّ وثاقة الرّجل كانت من الأُمور المشهورة في تلك الأزمنة‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٣٣ ، الرّقم ٨٩٦.

۴۹۱