لم يرجّح أحد القولين على الآخر في المسألة ، ومن ثمة احتاط بالجمع بين أحكام الطاهرة وتروك الحائض ، ولم يحكم أن أيّام النّقاء طهر ، وبين صدر كلامه وذيله تهافت كما تأتي الإشارة إليه.

والكلام في ذلك يقع في مقامين :

أحدهما : في المقتضي ، أي ما استدلّ به على مسلك المشهور.

ثانيهما : فيما يمنع عن ذلك ، أي ما استدلّ به صاحب الحدائق قدس‌سره.

أمّا المقام الأوّل : فقد استدلّ على مسلك المشهور بمعتبرة محمّد بن مسلم من أنّ المرأة إذا رأت الدم قبل العشرة فهو من الحيضة الأُولى ، وإن رأته بعد العشرة فهو من حيضة مستقبلة (١). وبمضمونها رواية عبد الرّحمن بن أبي عبد الله الآتية (٢).

وجه الدلالة أنّ قوله عليه‌السلام « فهو من الحيضة الأُولى » ظاهر في بقاء الحيضة الاولى إلى زمان رؤية الدم قبل انقضاء العشرة حسب المتفاهم العرفي ، ومعناه كون النقاء المتخلّل بين الدمين محكوماً بالحيض ، إذ لو كان طهراً كان ما قبله وجوداً وما بعده وجوداً آخر ، ولا يكونان موجودين بوجود واحد ، نعم كون الموجودين موجودين بوجود واحد اعتباراً أمر ممكن ، لكنّه يحتاج إلى دليل وعلى خلاف المتفاهم العرفي من الرّواية.

وأيضاً استدلّ للمشهور بالأخبار الواردة في أنّ أقلّ الطّهر عشرة أو أنّ القرء لا يكون أقل من العشرة (٣) ، فإنّ مقتضى إطلاقها أنّ ما يتخلّل بين الدمين وكان أقل من العشرة ليس بطهر ، بلا فرق في ذلك بين كون الدمين حيضة واحدة وكونهما حيضتين مستقلّتين.

وكيف كان فإنّ هذه الأخبار تقتضي الحكم ببقاء الحيضة الأُولى عند رؤية الدم‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٩٦ / أبواب الحيض ب ١٠ ح ١١. ص ٢٩٨ ب ١١ ح ٣.

(٢) تأتي في الصفحة ١٤٤.

(٣) الوسائل ٢ : ٢٩٣ و ٢٩٧ / أبواب الحيض ب ١٠ و ١١.

۴۹۱