الهمداني (١) قدس‌سره العمل بهما في موردهما ، أعني المرأة الحبلى والمبتدئة الّتي ترى الدم في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيّام ، تخصيصاً لما دلّ على أنّ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام بالإضافة إلى مورد الرّوايتين.

ولكن الصحيح عدم معارضتهما للأخبار المتقدّمة بوجه ، وذلك لأنّ الموثقة الأُولى لم تدل على أنّها لا تصلّي بعد ذينك اليومين ، وإنّما دلّت على ترتيب آثار الحيض من حين ترى الدم في اليوم واليومين ومقارناً لخروجه ، حيث قال عليه‌السلام « فلا تصلّ ذينك اليومين » لا أنّها لا تصلّي بعدهما ، كما لا دلالة لها على أنّ وظيفتها أيّ شي‌ء إذا انكشف انقطاع الدم قبل ثلاثة أيّام ، وعليه فالرواية بصدد بيان الحكم الظّاهري وأنّ المرأة بمجرّد رؤيتها الدم ترتّب آثار الحيض على نفسها ، ثمّ إنّه إذا انكشف انقطاعه قبل ثلاثة أيّام فيعلم عدم كونه حيضاً بمقتضى الأخبار المتقدّمة الّتي دلّت على أنّ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام.

فالموثقة مسوقة لبيان الحكم الظّاهري والأخبار المتقدّمة مبيّنة للحكم الواقعي ، ولا تعارض بين الحكم الظّاهري والواقعي. نعم لو كانت الموثقة دلّت على أنّ المرأة بعد انقطاع الدم قبل ثلاثة أيّام ترتب أحكام الحائض على نفسها لكانت معارضة مع الأخبار المتقدّمة ، لدلالتها حينئذ على أنّ أقلّ الحيض أقلّ من ثلاثة أيّام ، ولكن لا دلالة لها على ذلك كما عرفت.

وكذلك الحال في الموثقة الثانية الواردة في وظيفة المبتدئة ، أي الّتي لم تر الحيض قبل ذلك ، حيث دلّت على أنّها ترتب آثار الحيض من حين ترى الدم وهو حكم ظاهري ، ولا دلالة لها على أنّ الدم إذا انقطع قبل ثلاثة أيّام أيضاً تبنى على كونها حائضاً ، حيث إنّها سيقت لبيان أن رؤية الدم شهرين على وجه التساوي يوجب تحقّق العادة للمرأة ، وليس لها نظر إلى وظيفة المرأة عند انقطاع دمها قبل الثلاثة ، وأمّا أنّها تبنى على كونها حائضاً أو لا تبنى عند انقطاع الدم قبل الثلاثة فلا دلالة لها على‌

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٢٦٢ السطر ٣١.

۴۹۱