واشتبه المتقدّم منهما بالمتأخر فلم تدرِ كانت طاهرة فخرج منها الدم المردّد أم كانت حائضاً فلا يمكن التمسّك بالاستصحاب حينئذ ، إمّا للمعارضة كما هو الصحيح وإمّا لقصور المقتضي وعدم جريان الاستصحاب في نفسه كما بنى عليه صاحب الكفاية قدس‌سره.

وحينئذ قد يقال بأنّ الواجب هو الاحتياط بالجمع بين وظائف الطاهرة والحائض بأن تصلّي وتصوم ولا تدخل المسجد ولا تمكّن زوجها من نفسها بالوقاع ، وذلك لأنّ الحيض موضوع لجملة من الأحكام الإلزاميّة كحرمة الدخول في المساجد وحرمة تمكين الزّوج من نفسها بالجماع ، كما أنّ الطّهارة من الحيض موضوع لجملة من الأحكام الإلزاميّة كوجوب الصّلاة والصّيام وغيرهما ، وحيث إنّها مردّدة بين كونها طاهرة وحائضاً فلها علم إجمالي بتوجّه أحد التكليفين الإلزاميين نحوها ومقتضاه وجوب الاحتياط كما ذكرناه.

إلاّ أنّ الصحيح أنّ المرأة حينئذ غير محكومة بالحيض شرعاً ويجوز لها محرمات الحائض ، كما هو ظاهر جملة من الأعاظم والأعلام ، وذلك لأنّ المستفاد من الأخبار أنّ دم الحيض دم يمتاز عن بقيّة الدّماء ، وله أوصاف يمتاز بها عن غيره (١) ، فإنّه يخرج من الرّحم ، ودم الاستحاضة يخرج من عرق آخر ، كما أنّ دم البَكارة يخرج من نفس الموضع دون الرّحم. وكيف كان فدم الحيض ممتاز عن بقيّة الدّماء ، وهو عنوان وجودي وله أحكام خاصّة ، وقد تقدّم أنّ الحيض اسم لنفس الدم ، كما أنّ التكليف بالصّلاة والصيام والحكم بجواز الدّخول في المسجد متوجّه إلى عامّة المكلّفين ، وإنّما خرج عنها ذلك العنوان الوجودي ، حيث إنّه موضوع للحكم بحرمة الدخول في المساجد وعدم وجوب الصّلاة وهكذا.

فإذا شكّكنا في مورد أنّ هذا العنوان الوجودي هل تحقّق أم لم يتحقّق فالأصل عدم تحقّقه وعدم اتّصاف الدم بكونه حيضاً ، لجريان الأصل في الأعدام الأزليّة كما مرّ غير مرّة ، وبه ننفي الأحكام المترتبة على نفس عنوان دم الحيض ، ككونه مانعاً عن‌

__________________

(١) راجع الوسائل ٢ : ٢٧٥ / أبواب الحيض ب ٣.

۴۹۱