بل كل مسكر مائع بالأصالة (١)


القاعدة وإن اقتضت الأخذ بأحد هذه المحتملات إلاّ أن الصحيحة منعتنا عن الجري على طبق القاعدة ودلتنا على وجوب الأخذ بروايات النجاسة وتقديمها على أخبار الطهارة لما عرفت من حكومتها على كلتا الطائفتين.

ودعوى أنّ الصحيحة لموافقتها مع العامة بحسب الحكم أيضاً محمولة على التقيّة فهي غير صالحة للمرجحية بوجه ، مندفعة بأنّ مقتضى الأصل الأولي صدور الرواية بداعي بيان الحكم الواقعي ، ولا مسوّغ لرفع اليد عن ذلك إلاّ بقرينة كما إذا كانت الرواية معارضة برواية أُخرى تخالف العامّة ، وحيث إن الصحيحة غير معارضة بشي‌ء فلا موجب لحملها على التقية لأنه بلا مقتض.

هذا ، ثم إن الصحيحة قرينة على حمل أخبار الطهارة على التقية وذلك لأنها لم تنف صدور الحكم بطهارة الخمر عن الصادقين عليهما‌السلام وإنما دلت على لزوم الأخذ بما دلّ على نجاستها فبذلك لا بد من حمل أخبار الطهارة على التقية ، فلعلها صدرت موافقة لعمل أُمراء العامة وحكّامهم وسلاطينهم لبعد اجتنابهم عن الخمر كما مرّ ، فاذا سقطت أخبار الطهارة عن الاعتبار فلا محالة تبقى أخبار النجاسة من غير معارض بشي‌ء.

(١) لا ريب ولا إشكال في أن المسكرات المائعة بالأصالة ملحقة بالخمر من حيث حرمة شربها ، لما ورد في جملة من الأخبار من أن الله لم يحرّم الخمر لاسمها ولكن حرمها لعاقبتها (١) مضافاً إلى غيرها من الأخبار الواردة في حرمة مطلق المسكر (٢) وإنما الكلام كلّه في أنها ملحقة بها من حيث نجاستها أيضاً أو أنها محكومة بالطهارة فقد يقال بنجاستها كالخمر ويستدل عليها بوجوه :

الأوّل : الإجماع المنعقد على الملازمة بين حرمة شربها ونجاستها. ولا يخفى ما فيه‌

__________________

(١) الوسائل ٢٥ : ٣٤٢ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٩ ح ١ ٣.

(٢) الوسائل ٢٥ : ٣٢٥ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٥ ح ١ ٣٠.

۴۶۳