الخمر لأنها المتمحضة في أن تكون قوله عليه‌السلام كما مرّ.

وبهذا المضمون رواية أُخرى عن خيران الخادم ، قال : « كتبتُ إلى الرجل عليه‌السلام أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلّى فيه أم لا؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فيه فقال بعضهم : صلّ فيه ، فانّ الله إنما حرّم شربها ، وقال بعضهم : لا تصلّ فيه ، فكتب عليه‌السلام لا تصلّ فيه فإنّه رجس » الحديث (١) إلاّ أنها إنما تصلح أن تكون مؤيدة للمدعى وغير صالحة للمرجحية بوجه ، لعدم كونها ناظرة إلى الطائفتين وعدم ذكر شي‌ء منهما في الرواية ، نعم يمكن إرجاعها إلى الصحيحة نظراً إلى أنّ اختلاف أصحابنا إنما نشأ من اختلاف الطائفتين فكأنه عليه‌السلام حكم بترجيح أخبار النجاسة على معارضاتها ، إلاّ أنّ الرواية مع ذلك غير قابلة للاستدلال بها ، فان في سندها سهل بن زياد والأمر في سهل ليس بسهل لعدم ثبوت وثاقته في الرجال.

والذي تحصّل عما ذكرناه في المقام أنّ الاحتمالات في المسألة أربعة :

أحدها : تقديم أخبار النجاسة على أخبار الطهارة من جهة الصحيحة المتقدِّمة. وقد عرفت أن هذا الاحتمال هو المتعين المختار.

وثانيها : تقديم أخبار الطهارة على روايات النجاسة من جهة الجمع العرفي المقتضي لحمل الظاهر منهما على النص أو الأظهر ، وحمل الأوامر الواردة في غسل ما يصيبه الخمر على التنزه والاستحباب.

وثالثها : تقديم أخبار الطهارة على أخبار النجاسة بمخالفتها للعامة بعد عدم إمكان الجمع العرفي بينهما.

ورابعها : التوقف لتعارض الطائفتين وتكافئهما فان كل واحدة منهما مخالفة للعامّة من جهة وموافقة لهم من جهة ، فأخبار الطهارة موافقة لهم عملاً ومخالفة لهم بحسب الحكم والفتوى ، كما أن روايات النجاسة موافقة معهم بحسب الحكم ومخالفة لهم عملاً فلا ترجيح في البين فيتساقطان ولا بد من التوقف حينئذ. هذه هي الوجوه المحتملة في المقام ولكنها غير الوجه الأول منها تندفع بصحيحة علي بن مهزيار ، حيث إن‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٦٩ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٤.

۴۶۳