الخلاف في ذلك إلاّ من جماعة من المتقدِّمين كالصدوق (١) ووالده في الرسالة (٢) والجعفي (٣) والعماني (٤) وجملة من المتأخِّرين كالأردبيلي (٥) وغيره حيث ذهبوا إلى طهارتها ، واختلافهم في ذلك إنما نشأ من اختلاف الروايات التي هي العمدة في المقام وذلك للقطع بعدم تحقّق الإجماع على نجاسة الخمر بعد ذهاب مثل الصدوق والأردبيلي وغيرهما من الأكابر إلى طهارتها ، كما أن الكتاب العزيز لا دلالة له على نجاستها حيث إن الرجس في قوله عزّ من قائل ﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ (٦) ليس بمعنى النجس بوجه ، لوضوح أنه لا معنى لنجاسة بقية الأُمور المذكورة في الآية المباركة ، فإنّ منها الميسر وهو من الأفعال ولا يتّصف الفعل بالنجاسة أبداً ، بل الرجس معناه القبيح المعبّر عنه في الفارسية بـ « پليد وزشت ».

وعليه فالمهم هو الأخبار ، ولقد ورد نجاسة الخمر في عدّة كثيرة من الروايات ، ففي جملة منها ورد الأمر بغسل الثوب إذا أصابته خمر أو نبيذ (٧) وفي بعضها أمر بإراقة ما قطرت فيه قطرة من خمر (٨) وفي ثالث : لا والله ولا تقطر قطرة منه ( أي من المسكر ) في حب إلاّ أُهريق ذلك الحب (٩) وفي رابع غير ذلك مما ورد في الأخبار الكثيرة البالغة حدّ الاستفاضة ، بل يمكن دعوى القطع بصدور بعضها عن الأئمة عليهم‌السلام فلا مجال للمناقشة فيها بحسب السند ، كما أن دلالتها وظهورها في نجاسة الخمر مما‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٤٣.

(٢) نقله في المستمسك ١ : ٣٩٩.

(٣) نقله عنه في الذكرى : ١٣ السطر ٢٧.

(٤) نقله عنه في المعتبر ١ : ٤٢٢.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣١٠.

(٦) المائدة ٥ : ٩٠.

(٧) الوسائل ٣ : ٤٦٨ / أبواب النجاسات ب ٣٨ وفيها عدة روايات تدل على المطلب.

(٨) كما في رواية زكريا بن آدم المروية في الوسائل ٣ : ٤٧٠ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٨.

(٩) كما في رواية عمر بن حنظلة المروية في الوسائل ٢٥ : ٣٤١ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٨ ح ١.

۴۶۳