ثبوتها لزيد أو للأصنام وبين دعوى ثبوتها لأمير المؤمنين عليه‌السلام لاشتراكهما في إنكار الوهيته تعالى وهو من أحد الأسباب الموجبة للكفر.

ومنهم من ينسب إليه الاعتراف بالوهيته سبحانه إلاّ أنّه يعتقد أنّ الأُمور الراجعة إلى التشريع والتكوين كلها بيد أمير المؤمنين أو أحدهم عليهم‌السلام ، فيرى أنّه المحيي والمميت وأنّه الخالق والرازق وأنّه الذي أيّد الأنبياء السالفين سرّاً وأيّد النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جهراً. واعتقادهم هذا وإن كان باطلاً واقعاً وعلى خلاف الواقع حقاً ، حيث إنّ الكتاب العزيز يدل على أن الأُمور الراجعة إلى التكوين والتشريع كلّها بيد الله سبحانه ، إلاّ أنّه ليس مما له موضوعية في الحكم بكفر الملتزم به. نعم ، الاعتقاد بذلك عقيدة التفويض لأنّ معناه أنّ الله سبحانه كبعض السلاطين والملوك قد عزل نفسه عما يرجع إلى تدبير مملكته وفوّض الأُمور الراجعة إليها إلى أحد وزرائه ، وهذا كثيراً ما يتراءى في الأشعار المنظومة بالعربية أو الفارسية ، حيث ترى أن الشاعر يسند إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام بعضاً من هذه الأُمور.

وعليه فهذا الاعتقاد إنكار للضروري ، فإنّ الأُمور الراجعة إلى التكوين والتشريع مختصّة بذات الواجب تعالى ، فيبتني كفر هذه الطائفة على ما قدّمناه من أن إنكار الضروري هل يستتبع الكفر مطلقاً أو أنه إنما يوجب الكفر فيما إذا رجع إلى تكذيب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما إذا كان عالماً بأن ما ينكره ثبت بالضرورة من الدين؟ فنحكم بكفرهم على الأوّل وأمّا على الثاني فنفصّل بين من اعتقد بذلك لشبهة حصلت له بسبب ما ورد في بعض الأدعية وغيرها مما ظاهره أنهم عليهم‌السلام مفوضون في تلك الأُمور من غير أن يعلم باختصاصها لله سبحانه ، وبين من اعتقد بذلك مع العلم بأنّ ما يعتقده مما ثبت خلافه بالضرورة من الدين بالحكم بكفره في الصورة الثانية دون الاولى.

ومنهم من لا يعتقد بربوبية أمير المؤمنين عليه‌السلام ولا بتفويض الأُمور إليه وإنما يعتقد أنه عليه‌السلام وغيره من الأئمة الطاهرين ولاة الأمر وأنهم عاملون لله سبحانه وأنهم أكرم المخلوقين عنده فينسب إليهم الرزق والخلق ونحوهما ، لا بمعنى إسنادها إليهم عليهم‌السلام حقيقة لأنه يعتقد أن العامل فيها حقيقة هو الله ، بل‌

۴۶۳