ولا فرق في نجاسته بين كونه من حلال أو من الزّنا (١) ولو في مذهبه ،


وعلى الجملة أنّ احترام الدماء والأموال وغيرهما من الآثار مترتب على إظهار الشهادتين ولا يعتبر في ترتبها الاعتقاد بالإسلام قلباً وحقيقة. نعم ، إنما يعتبر العقد القلبي في الايمان ، ومع فقده يعامل الله سبحانه معه معاملة الكفر في الآخرة وهو الذي نصطلح عليه بمسلم الدنيا وكافر الآخرة. فالذي تحصل أن المدار في الإسلام إنما هو على إجراء الشهادتين باللسان دون العقد القلبي ولا هما معاً.

(١) قد تقدّم الكلام في ولد الكافر فيما إذا كان ولداً شرعياً لأبويه ، وأمّا إذا كان الولد عن زنا ولو في مذهبهما فهل يحكم بنجاسته بناء على نجاسة ولد الكافر الحلال؟ فقد يتردد في الحكم بنجاسته نظراً إلى أنّ المراد بالولد إنّ كان هو الولد الشرعي لوالديه فلا يمكننا الحكم بنجاسة ولدهما عن زنا لأنّه ليس بولد شرعي للزاني ولا للزانية ، وإن أُريد منه الولد لغة فهو كما يشمل الولد الحلال كذلك يشمل الولد الحرام حيث إنّه نشأ من ماء أحدهما وتربى في بطن الآخر فلا مناص من الحكم بنجاسته.

هذا والصحيح أن ولد الزّنا أيضاً ولد لهما شرعاً ولغة وعرفاً ، فانّ الولد ليس له اصطلاح حادث في الشرع وإنما هو على معناه اللغوي ، ولم يرد في شي‌ء من روايتنا نفي ولدية ولد الزّنا. نعم ، إنما ثبت انتفاء التوارث بينهما فلا يرثانه كما لا يرثهما وهو لا ينافي ولديته ، كيف وقد ثبت انتفاء التوارث بين الولد ووالديه في غير واحد من المقامات من غير استلزامه نفي الولدية بوجه ، كما في من قتل أباه أو كان الولد كافراً أورقاً حيث لا توارث حينئذ من غير أن يكون ذلك موجباً لسلب ولديته. وأمّا قوله عليه‌السلام « الولد للفراش وللعاهر الحجر » (١) فهو إنّما ورد في مقام الشك في أن الولد من الزوج أو الزّنا وقد دلّ على أنّه يعطى للفراش وللعاهر الحجر ، ولا دلالة له‌

__________________

أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحق الإسلام وحسابهم على الله ». وأخرجه مسلم في الجزء الأول ص ٥٣ وفي كنز العمال ١ : ٢٣ بكيفيات مختلفة.

(١) الوسائل ٢١ : ١٧٣ / أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٨ ح ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٧.

۴۶۳