شكّ في الله؟ فقال : كافر يا أبا محمّد ، قال : فشك في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : كافر ، ثم التفت إلى زرارة فقال : إنما يكفر إذا جحد » (١) ومنها غير ذلك من الأخبار التي تدل على عدم اعتبار شي‌ء من الأمرين المتقدمين في إسلام من حكم بإسلامه من الابتداء.

وأمّا من حكم بكفره كذلك فالحكم بطهارته يتوقف على أن يظهر الإسلام بالإقرار بالشهادتين وإن كان إقراراً صورياً ولم يكن معتقداً به حقيقة وقلباً ، ويدلُّ عليه مضافاً إلى السيرة المتحققة فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يكتفي في إسلام الكفرة بمجرّد إجرائهم الشهادتين باللِّسان مع القطع بعدم كونهم بأجمعهم معتقدين بالإسلام حقيقة ، وإلى قوله عزّ من قائل ﴿ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (٢) وقوله ﴿ وَلَمّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ (٣) حيث إنّه سبحانه أخبر في الآية الأُولى عن كذب المنافقين في اعترافهم برسالته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واعترض في الثانية على دعواهم الايمان ومع ذلك كلّه كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعامل معهم معاملة الطهارة والإسلام ، أضف إلى ذلك أنّ بعض الصحابة لم يؤمنوا بالله طرفة عين وإنما كانوا يظهرون الشهادتين باللسان وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع علمه بحالهم لم يحكم بنجاستهم ولا بكفرهم ، ما ورد في غير واحد من الأخبار من أن الإسلام ليس إلاّ عبارة عن الإقرار بالشهادتين (٤) كما نطق بذلك أيضاً بعض ما ورد من غير طرقنا ، ففي صحيح البخاري عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إنِّي أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله كي يصون بذلك دماؤهم وأموالهم منِّي » (٥).

__________________

(١) الوسائل ٢٨ : ٣٥٦ / أبواب حدّ المرتد ب ١٠ ح ٥٦.

(٢) المنافقون ٦٣ : ١.

(٣) الحجرات ٤٩ : ١٤.

(٤) لاحظ الوسائل ١ : ١٥ / أبواب مقدمة العبادات ب ١ ح ٤ ، ٩ ، ١٧ وغيرها من روايات الباب.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٣ عن ابن عمر « أن رسول الله ( صلّى الله عليه وسلم ) قال : أمرت أن

۴۶۳