أهل الذمّة والمجوس ، فقال : لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ، ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر » (١) وهذه الرواية صحيحة سنداً إلاّ أنها قاصرة الدلالة على المدعى فان دلالتها على طهارة أهل الكتاب أظهر من دلالتها على نجاستهم ، وذلك لأنّ الحكم بنجاستهم يستلزم الحكم بالتجنب عن جميع الأواني المضافة إليهم حتى الآنية التي يشربون فيها الماء ، ولا وجه معه لتقييد الآنية بما يشربون فيه الخمر ولا لتقييد طعامهم بما يطبخونه ، فمن تقييد الآنية والطعام بما عرفت يظهر عدم نجاسة أهل الكتاب. والنهي عن الأكل في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر مستند إلى نجاسة الآنية بملاقاتها الخمر ، وأما النهي عن أكل طعامهم المطبوخ فيحتمل فيه وجهان :

أحدهما : أن أهل الكتاب يأكلون لحم الخنزير وشحمه والمطبوخ من الطعام لا يخلو عن اللحم والشحم عادة ، فطعامهم المطبوخ لا يعرى عن لحم الخنزير وشحمه.

وثانيهما : أن آنيتهم من قدر وغيره يتنجس بمثل طبخ لحم الخنزير أو وضع شي‌ء آخر من النجاسات فيها لعدم اجتنابهم عن النجاسات ، ومن الظاهر أنها بعد ما تنجست لا يرد عليها غسل مطهر على الوجه الشرعي لأنهم في تنظيفها يكتفون بمجرد إزالة قذارتها وهي لا تكفي في طهارتها شرعاً ، وعليه يتنجس ما طبخ فيها بملاقاتها ومن هنا نهى عليه‌السلام عن أكل طعامهم الذي يطبخونه. ويمكن أن يكون هناك وجه آخر لنهيه عليه‌السلام ونحن لا ندركه.

ومنها : حسنة الكاهلي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوم مسلمين يأكلون وحضرهم رجل مجوسي أيدعونه إلى طعامهم؟ فقال : أما أنا فلا أؤاكل المجوسي ، وأكره أن أحرّم عليكم شيئاً تصنعون في بلادكم » (٢) ولا يخفى عدم دلالتها على نجاسة المجوس ، وهو عليه‌السلام إنما ترك المؤاكلة معه لعلوّ مقامه ، وعدم‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٥١٨ / أبواب النجاسات ب ٧٢ ح ٢ ، وص ٤١٩ ب ١٤ ح ١ ، وكذا في ٢٤ : ٢١٠ / أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٥٤ ح ٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٤١٩ / أبواب النجاسات ب ١٤ ح ٢.

۴۶۳