لوجود ما هو مانع في طبعه فلا محالة تكون واجبة عند احتمال مقارنتها له بطريق أولى.

وإن شئت قلت : إن تقديم الصلاة في الثوب النجس على الصلاة عارياً إنما هو من جهة أهمية الركوع والسجود عند الشارع من شرطية طهارة الثوب في الصلاة حسبما يستفاد من الأخبار لما مرّ من أنه إذا صلّى عارياً يومي في ركوعه وسجوده ، فاذا اقتضت أهمية الركوع والسجود تعين الصلاة في الثوب المعلوم نجاسته فتقتضي أهميتهما وجوبها في الثوب المحتمل نجاسته بالأولوية القطعية كما مرّ.

وأما إن قلنا في تلك المسألة بوجوب الصلاة عارياً فهل يجب القول به فيما نحن فيه أو لا بد في المقام من الحكم بوجوب الصلاة في أحد المشتبهين؟ الظاهر أنه لا علاقة بين المسألتين لأنّا لو قلنا هناك بوجوب الصلاة عارياً فإنما نلتزم به للنصوص ، وهي إنما وردت في مورد دوران الأمر بين الصلاة عارياً والصلاة في الثوب المعلوم نجاسته ولا مسوغ للتعدِّي عن موردها إلى ما إذا كان الثوب مشكوك النجاسة ، وذلك للفرق بين الصورتين حيث إن المكلف في مورد النصوص غير متمكن من الصلاة في الثوب الطاهر لانحصار ثوبه بما يعلم بنجاسته ، وأما من كان عنده ثوبان يعلم بنجاسة أحدهما فهو متمكن من الإتيان بالصلاة في الثوب الطاهر يقيناً لطهارة أحد المشتبهين على الفرض ، وغاية الأمر لا يتمكن من تمييزه وتشخيص أن الصلاة الواقعة في الثوب الطاهر أيّ منهما.

فالمتعين أن يصلِّي في أحد المشتبهين فيما نحن فيه ولا يمكنه الصلاة عارياً لأنه يوجب القطع بكونها فاقدة لشرطها ، وهذا بخلاف الصلاة في أحد المشتبهين لأنّ غاية ما يترتّب عليها احتمال اقترانها بالنجاسة ، ومع دوران الأمر بين الموافقة الاحتمالية والمخالفة القطعية لا إشكال في أن الاولى أولى ، وهي متقدمة على المخالفة القطعية عند العقل لاستقلاله بعدم جواز المخالفة القطعية مع التمكن من الموافقة الاحتمالية ولا يرى المكلّف مخيّراً بينهما ، فالمتيقن هو الصلاة في أحد المشتبهين مع سعة الوقت وضيقه. نعم لو كنّا اعتمدنا في تلك المسألة على أن مانعية النجاسة أهم من شرطية التستر في الصلاة لأمكن التعدي إلى ما نحن فيه إلاّ أن الأمر ليس كذلك كما عرفت.

۴۶۳