ومنهم من عكس الأمر لاشتمال الطائفة الثانية على المرجح الخارجي أعني عمل المشهور على طبقها ، ومنهم جمع ثالث قد أخذوا بكل واحدة من الطائفتين لما فيهما من المرجحات ، ومن هنا ذهبوا إلى التخيير بين الصلاة عارياً وبين الإتيان بها في الثوب المتنجس.

وذهب صاحب المدارك إلى عدم المعارضة بين الطائفتين ، لأن الطائفة الأُولى صحاح بخلاف الثانية ولا اعتبار بغير الصحيحة ولو كان موثقة (١). وما ذكره قدس‌سره متين على ما سلكه من عدم حجية غير ما يرويه الإمامي العدل أو الثقة ، وأما بناء على ما هو الصحيح المعمول به من كون الموثقة كالصحيحة في الاعتبار فلا وجه لما أفاده ، لأن الطائفتين حينئذ على حد سواء ولا يكون وصف الصحة مرجحاً أبداً ومعه لا مزيّة في البين والطائفتان متعارضتان.

والذي يوهن الطائفة الثانية أن روايتي سماعة مضمرتان ، وليس سماعة في الجلالة والاعتبار كمحمد بن مسلم وزرارة وأضرابهما حتى لا يحتمل سؤاله عن غير الإمام ، ولعلّه سأل غيره ولو ممن رآه أهلاً للسؤال ، ومن المحتمل أن يكون قد سأل شخصين آخرين غير الإمام عليه‌السلام. ويؤكده اختلاف الروايتين في الجواب حيث ورد في إحداهما : « إنه يصلِّي قاعداً » ودلت الأُخرى على أنه يصلي قائماً ، ومعه كيف يمكن الجزم بأن المسئول في الروايتين هو الإمام عليه‌السلام. فالروايتان ساقطتان عن الاعتبار.

وأما رواية الحلبي ففي سندها محمد بن عبد الحميد ، وأبوه عبد الحميد وإن كان موثقاً وقد ورد في صحيحة إسماعيل بن بزيع : « إذا كان القيّم به مثلك أو مثل عبد الحميد فلا بأس » (٢) إلاّ أن ابنه الواقع في سلسلة الحديث وهو محمد لم تثبت وثاقته ، فان كل من وثقه من علماء الرجال قد تبع النجاشي في توثيقه ، ولكن العبارة المحكية عنه غير وافية في توثيق الرجل ، حيث قال في محكي كلامه : « محمد بن‌

__________________

(١) راجع المدارك ٢ : ٣٦٠ ٣٦١.

(٢) الوسائل ١٧ : ٣٦٣ / أبواب عقد البيع وشروطه ب ١٦ ح ٢.

۴۶۳