مانعاً عن شموله الجاهل القاصر أو قيل بمانعيته أُمور ثلاثة :

الأوّل : ما عن شيخنا الأُستاذ قدس‌سره من أن حديث لا تعاد إنما ينفي الإعادة عن كل مورد قابل لها في نفسه ، بحيث لولا ذلك الحديث لحكم بوجوب الإعادة فيه إلاّ أنّ الشارع رفع الإلزام عنها امتناناً على المكلّفين (١) ، ومن البديهي أن الأمر بالإعادة إنما يتصوّر فيما إذا لم يكن هناك أمر بإتيان المركّب نفسه كما في الناسي ونحوه حيث لا يجب عليه الإتيان بما نسيه ، ففي مثله لا مانع من الحكم بوجوب الإعادة عليه لولا ذلك الحديث. وأما إذا بقي المكلّف على حاله من تكليفه وأمره بالمركب الواقعي فلا معنى في مثله للأمر بالإعادة لأنه مأمور بإتيان نفس المأمور به ، وحيث إن الجاهل القاصر مكلف بنفس الواقع ولم يسقط عنه الأمر بالعمل فلا معنى لأمره بالإعادة ، فإذا لم يكن المورد قابلاً لإيجاب الإعادة لم يكن قابلاً لنفيها عنه. وعليه فالحديث إنما يختص بالناسي ونحوه دون العامد والجاهل مقصراً كان أم قاصراً ، ومعه لا بد من الرجوع إلى المطلقات المانعة عن الصلاة في النجس وهي تقتضي وجوب الإعادة في حقهم.

والجواب عن ذلك : أنّ الجاهل وإن كان مكلّفاً بالإتيان بالمركّب واقعاً ، إلاّ أنه محدود بما إذا أمكنه التدارك ولم يتجاوز عن محلِّه ، وأما إذا تجاوز عن محلِّه فأيّ مانع من الأمر بالإعادة عليه ، مثلاً إذا كان بانياً على عدم وجوب السورة في الصلاة إلاّ أنه علم بالوجوب وهو في أثناء الصلاة فبنى على وجوبها فإنه إن كان لم يدخل في الركوع فهو مكلف بإتيان نفس المأمور به أعني السورة في المثال ولا مجال معه لإيجاب الإعادة في حقه ، وأما إذا علم به بعد الركوع فلا يمكنه تداركها لتجاوزه عن محلها وحينئذ إما أن تبطل صلاته فتجب عليه إعادتها ، وأما أن تصح فلا تجب إعادتها. وبهذا ظهر أن الجاهل بعد ما لم يتمكن من تدارك العمل قابل لإيجاب الإعادة في حقه ونفيها كما هو الحال في الناسي بعينه.

الثاني : أنّا وإن كنّا نلتزم بحكومة الحديث على أدلة الأجزاء والشرائط لأنه ناظر‌

__________________

(١) كتاب الصلاة ٢ : ١٩٤.

۴۶۳