الميتة ، بل والمتنجسة إذا لم تقبل التطهير إلاّ ما جرت السيرة عليه من الانتفاع بالعذرات وغيرها للتسميد والاستصباح بالدهن المتنجِّس. لكن الأقوى جواز الانتفاع بالجميع حتى الميتة مطلقاً في غير ما يشترط فيه الطهارة. نعم ، لا يجوز‌


بالأعيان النّجسة فيما لا يشترط فيه الطهارة فضلاً عن المتنجسات كبل الثوب أو الحناء وتنظيف البدن والألبسة عن القذارات حتى يتطهّرا بعد ذلك بالماء الطاهر وغيرهما ، وذلك لأنه لم يرد دليل على المنع عن ذلك إلاّ في رواية تحف العقول حيث دلّت على المنع عن جميع التقلبات في النجس الشامل للذاتي والعرضي (١) ولكنّا ذكرنا هناك أن الرواية غير قابلة للاعتماد عليها فلا دليل على حرمة الانتفاع بالأعيان النجسة فضلاً عن المتنجسة. نعم ، ورد المنع عن الانتفاع ببعض الأعيان النجسة كما في الخمر والمسكر حيث نهي عن الانتفاع بهما في غير صورة الضرورة (٢) وفي بعض الأخبار أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما نزل تحريم الخمر خرج وقعد في المسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فأكفاها كلها (٣) إلاّ أن النهي عن ذلك غير مستند إلى نجاسة الخمر حيث لم ينه عنها بعنوان أنها نجسة ، بل لو كانت الخمر طاهرة أيضاً كنّا نلتزم بحرمة انتفاعاتها للنص. فالمتحصل أن مقتضى القاعدة جواز الانتفاع بالأعيان النجسة والمتنجسة في غير موارد دلالة الدليل على حرمته.

__________________

(١) حيث قال : « أو شي‌ء من وجوه النجس ، فهذا كله حرام ومحرم لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه ، فجميع تقلبه في ذلك حرام » الوسائل ١٧ : ٨٤ / أبواب ما يكتسب به ب ٢ ح ١ ، تحف العقول : ٣٣٣.

(٢) الوسائل ٢٥ : ٣٤٩ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٢١ ح ١ ٥ ، ب ٣٤ ح ١ ، ٢ ، ٤ ، ٥ ، والوجه في دلالتها على المدعى : أن الانتفاع بالخمر والمسكر لو لم يكن محرماً لم يكن للمنع عن الاكتحال بهما ولا لتحريم الخمر وحفظها وغرسها وعصرها ولا لغير ذلك مما ذكر في الروايات وجه صحيح لعدم حرمة جميع منافعها على الفرض ، فيستكشف بذلك أن الانتفاع بهما على إطلاقه محرّم في الشريعة المقدسة.

(٣) رواها علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبي الجارود كما في الوسائل ٢٥ : ٢٨١ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١ ح ٥.

۴۶۳