لغيره (*) (١) وإن صار هو السبب للتكليف بصرف المال ، وكذا لو ألقاه في البالوعة ، فانّ مئونة الإخراج الواجب على كلّ أحد ليس عليه ، لأنّ الضّرر إنما جاء من قبل التكليف الشرعي ، ويحتمل ضمان المسبّب كما قيل بل قيل باختصاص الوجوب به ، ويجبره الحاكم عليه لو امتنع ، أو يستأجر آخر ، ولكن يأخذ الأُجرة منه.


تجوزية لا حقيقية ، ومن هنا لا يقتص من آمره بل من مباشرة. وأوضح من ذلك ما إذا لم يأمره السبب ولا أشار إليه وإنما أوجد الداعي لفعل المباشر بإرادته ، كما إذا كان للسبب أنصار وعشيرة بحيث لو خاصم أحداً ونازعه لقتلته عشيرته من دون حاجة إلى أمره وإشارته ، فمثله إذا نازع أحداً مع الالتفات إلى أن عشيرته لبالمرصاد فقتلته عشيرته ، لا يمكن إسناد القتل إلى ذلك المنازع إلاّ على وجه المجاز فان القاتل في الحقيقة هو العشيرة والأعوان. نعم ، إن منازعة مثله مع الالتفات إلى الحال محرّم من جهة أنها من إيجاد الداعي إلى الحرام وهو حرام.

وعلى ذلك لا وجه للضمان في مفروض الكلام ، حيث إنّ الضمان له سببان فيما نحن فيه أحدهما : الاستيلاء على مال الغير المعبّر عنه باليد. وثانيهما : الإتلاف ، وكلاهما مفقود في المقام. أما اليد فانتفاؤها من الوضوح بمكان ، وأما الإتلاف فلما مرّ من أن المزيل إنما بذل المال في سبيل تطهير المصحف بالإرادة والاختيار ولا يسند الإتلاف معه إلاّ إلى المباشر لا إلى السبب الذي هو المنجّس. نعم ، السبب أوجد الداعي للمزيل المسلم إلى الإتلاف حيث نجّس المصحف وقد عرفت أن إيجاد الداعي للمباشر ليس من التسبيب الموجب للضمان.

(١) ظاهر العبارة وإن كان يعطي في بدو النظر اختصاص عدم ضمان المال المصروف بما إذا كان المصحف ملكاً للمنجّس ، وهذا لا يستقيم فإنه بناء على أن السبب لا ضمان له كما هو الصحيح على ما عرفت لا يفرق بين ما إذا كان المصحف‌

__________________

(*) بل ولو كان لغيره ، نعم يضمن النقص الحاصل من جهة تنجيسه كما تقدّم.

۴۶۳