ولو استلزم صرف المال وجب (*) ، ولا يضمنه من نجّسه (١) إذا لم يكن‌


الالتزام بجواز بقاء المصحف على نجاسته ، وإنّ أراد من ذلك أن الأمر بإزالة النجاسة إنما يتوجه على من نجّسه أوّلاً ثم لو عصى ولم يزل وجبت إزالته على غيره فهو وإن كان أمراً ممكناً ومعقولاً بحسب مقام الثبوت ، إلاّ أنه عادم الدليل بحسب مقام الإثبات. فالصحيح عدم اختصاص الحكم بمنجّس الكتاب بل هو واجب كفائي يعمه وغيره.

(١) إذا كان مزيل النجاسة عن المصحف غير من نجّسه واستلزمت إزالتها صرف المال في سبيلها ، فهل يضمنه من نجّسه لأنه السبب في بذل المزيل أو أن ضمانه على المزيل؟ الصحيح عدم ضمان المنجس للمال ، وذلك لأن التسبيب على قسمين :

فان المباشر قد يصدر منه العمل لا بالإرادة والاختيار أو لو كانت له إرادة فهي مغلوبة في جنب إرادة السبب ، وهذا كما إذا أرسل دابته وأطلق عنانها حتى دخلت مزرعة شخص آخر فأتلفتها أو أتلفت شيئاً آخر ، أو أعطى سكيناً بيد صبي فأمره بذبح نائم فذبحه الصبي ، فإن الفعل في أمثال ذلك وإن كان يصدر من فاعله بإرادته إلاّ أنها مغلوبة في جنب إرادة السبب ، فان المباشر حينئذ يعدّ آلة للسبب ، فالسبب في هذه الصورة أقوى من المباشر ومن هنا يقتص من السبب دون مباشرة ، فإن الفعل يسند إليه على وجه الحقيقة لا إلى واسطته ، فحقيقة يقال : إنه قتل أو أتلف ، غاية الأمر أن الفعل صدر منه لا من دون واسطة بل معها ، فكما أنه ليس له أن يعتذر عند قتله بالمباشرة بأنه لم يقتله وإنما قتله السكين مثلاً ، فكذلك في هذه الصورة فإن الدابة أو الصبي كالآلة لفعله. والضمان في الإتلاف بهذه الكيفية مما لا إشكال فيه.

وقد يصدر الفعل من المباشر بالإرادة التامة وبالاختيار وإنما السبب يأمره بذلك العمل أو يشير إليه ، كصديق يشير إلى صديقه بقتل عدوّ له فيرتكبه الصديق المباشر بإرادته واختياره. ولا يسند الفعل في هذه الصورة إلى الآمر والسبب إلاّ بنسبة‌

__________________

(*) هذا إذا لم يكن ضرريّاً.

۴۶۳