وبدونها ، وأما إذا اقتصرنا على خصوص المتنجس بلا واسطة على التفصيل المتقدم تقريبه فلا موقع للاستدلال بها بوجه ، لأن قيام السيرة على عدم الاجتناب في ملاقي المتنجس بلا واسطة مقطوع العدم ، وإنما المتيقن قيامها على عدم الاجتناب عن ملاقي المتنجس مع الواسطة.

الوجه الثالث : الأخبار ، وقد استدلوا بجملة منها على عدم منجسية المتنجس ولنتعرض إلى أهمها فمنها : موثقة حنان بن سدير ، قال : « سمعت رجلاً سأل أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : إني ربما بلت فلا أقدر على الماء ويشتد ذلك عليَّ؟ فقال : إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك ، فان وجدت شيئاً فقل هذا من ذاك » (١) بتقريب أن المتنجس لو كان منجساً لما أصابه كان مسح موضع البول المتنجس به بالريق ونحوه موجباً لاتساع النجاسة وزيادتها لا موجباً لطهارته ، فمنه يظهر أن المتنجس غير منجس لما أصابه. وفيه : أن تقريب الاستدلال بالموثقة إنما هو بأحد وجهين :

أحدهما : أن يكون وجه الاشتداد على السائل خروج البلل منه بعد بوله وتمسحه وقبل استبرائه ، فإنه يحتمل أن يكون بولاً حينئذ وهو يوجب تنجس ثوبه بل بدنه وانتقاض طهارته لأنه من البلل الخارج قبل الاستبراء وبه يقع في الشدة لا محالة فعلّمه عليه‌السلام طريقاً يتردد بسببه في أن الرطوبة من البلل أو من غيره ، وهو أن يمسح موضع البول من ذكره بريقه حتى إذا وجد رطوبة يقول إنها من ريقه لا من البلل الخارج منه بعد بوله ، فعلى هذا تدل الموثقة على عدم تنجيس المتنجس أعني موضع البول المتنجس به.

ولكن يبعّد ذلك أمران : أحدهما : أنه عليه‌السلام إنما أمره بأن يمسح ذكره بريقه ولم يأمره بمسح موضع البول من ذكره فلا وجه لتقييده بموضع البول أبداً. وثانيهما : أن المتنجس إذا لم يكن منجساً فلما ذا لم يعلّم السائل طريقة الاستبراء التي توصله إلى القطع بعدم كون الرطوبة بولاً منجساً وناقضاً لطهارته ، لأنه إذا بال واستبرأ فلا محالة يحكم بطهارة البلل الخارج منه بعد ذلك ، لأن البلل بعد الاستبراء محكوم بطهارته في‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٨٤ / أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٧.

۴۶۳