غيرها ، فنحن بعد في شك في ملاقاة الماء للبول أو غيره من المنجسات فأي مانع معه من الرجوع إلى استصحاب عدم حصول الملاقاة المؤثرة كملاقاته البول أو المني أو غيرهما ، وهذا الاستصحاب جار من غير معارض ، فانّ استصحاب عدم حصول الملاقاة غير المؤثرة مما لا أثر له ، وحيث لم تقم البينة على حصول الملاقاة المؤثرة فلا مانع من الرجوع إلى الأصل. نعم ، لو كانت للبينة دلالة على حصولها ولو بالالتزام كما إذا لم يكن بينهما خلاف في الأسباب المؤثرة في التنجيس لكانت حاكمة على الاستصحاب المذكور لا محالة لأنها حينئذ تزيل الشك عن حصول الملاقاة المؤثرة بالتعبد. فما ذهب إليه العلاّمة قدس‌سره من أن الشاهد لا يعتنى بشهادته إذا شهد بالنجاسة ولم يذكر السبب لجواز اعتماده على ما لا يعتمد عليه المشهود عنده (١) هو الصحيح.

ودعوى استقرار سيرة العقلاء على قبول شهادته وعدم فحصهم وسؤالهم عن مستندها ، عهدتها على مدّعيها لأنه لم تثبت عندنا سيرة على ذلك ، وقد عرفت أن إخباره عن الحكم المجعول في الشريعة المقدّسة أعني نجاسة ملاقي الماء على نحو القضية الحقيقية غير معتبر ، وإخبارها عن حصول الملاقاة في الخارج وإن كان معتبراً إلاّ أن ما يثبت به إنما هو حصول طبيعي الملاقاة لا الملاقاة المؤثرة بنظر المشهود عنده ، والمدار في ثبوت النجاسة بالبينة إنما هو على إخبارها عن سبب تام السببية عنده لا ما هو سبب عند الشاهد ، إذ لا يترتّب عليه أثر عند المشهود عنده ، ومن هنا ذكر الماتن في المسألة الآتية أن الشاهد إذا أخبر بما لا سببية له في نجاسة الملاقي عنده إلاّ أنه سبب مؤثر فيها بنظر المشهود عنده تثبت به نجاسة الملاقي لا محالة.

فتحصّل أنّ البيِّنة إذا أخبرت عن النجاسة ولم يذكر مستندها فلا يعتمد على شهادتها عند اختلافهما في الأسباب. هذا كلّه في هذه المسألة ، ومما ذكرناه في المقام يظهر الحال في المسائل الآتية فليلاحظ.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٩٣.

۴۶۳