وأمّا التمر والزبيب وعصيرهما (١) فالأقوى عدم حرمتهما أيضاً بالغليان وإن كان الأحوط الاجتناب عنهما أكلاً ، بل من حيث النجاسة أيضاً (٢).


حتى يمكن غليانه في جوفه ، بل العنب على ما شاهدنا جميع أقسامه نظير الخيار والبطِّيخ والرقِّي مشتمل على لحم فيه رطوبة وكلما وردت عليه ضغطة خرج منه ماؤه وبقيت سفالته. نعم ، الماء الخارج من العنب أكثر مما يمكن استخراجه من الخيار وكيف كان ، فلا ماء في جوف العنب حتى يغلي ، وقد مرّ أنّ الغليان هو القلب وتصاعد النازل وتنازل الصاعد ، وكيف يتصور هذا في مثل العنب والبطيخ والخيار وغيرها مما لا يشتمل على الماء في جوفه.

ثم على تقدير إمكان ذلك ووقوعه في الخارج بفرض أمر غير واقع فهل يحكم بحرمته قبل أن يذهب ثلثاه؟ التحقيق أنه لا وجه للحكم بحرمته ، لأن ما دلّ على حرمة العصير العنبي بعد غليانه إنما دلّ على حرمة مائه الذي خرج منه بعصره أو بغير عصر ، وأما ماء العنب في جوفه فحرمته تحتاج إلى دليل ، ولم يدلنا دليل على أن ماء العنب إذا غلى في جوفه حرم حتى يذهب ثلثاه.

(١) المصطلح عليهما بالنبيذ ، فيقال : نبيذ الزبيب أو التمر ولا سيما في الأخير ، كما أن المصطلح عليه في ماء العنب هو العصير كذا ذكره صاحب الحدائق قدس‌سره (١).

(٢) إذا نبذ الزبيب أو التمر في ماء وأكسبه حلاوة ثم غلى ذلك الماء بسبب فهل يحكم بحرمته ونجاسته أو أنه محكوم بالطهارة والحل؟

أمّا النجاسة فظاهرهم الاتفاق على عدمها بعد بطلان التفصيل المتقدِّم (٢) عن ابن حمزة في الوسيلة الذي اختاره شيخنا شيخ الشريعة قدس‌سره ، حيث ذهب إلى نجاسة العصير فيما إذا غلى بنفسه وعدم ارتفاعها إلاّ بانقلابه خلاً بلا فرق في ذلك بين العصير العنبي وعصيري التمر والزبيب. وقد ذكر في الحدائق أني لم أقف على قائل‌

__________________

(١) الحدائق ٥ : ١٢٥.

(٢) في ص ١٠١.

۴۶۳