هذا فيما كانت الزيادة قادحة حتّى الصورية كما في الركوع والسجود ، وأمّا ما لا تقدح إلّا مع الإتيان بعنوان الجزئية كالقراءة والذكر فلا بأس بإتيانه بقصد القربة المطلقة ما لم يبلغ حدّ الوسواس المنهي عنه.

هذا هو المعروف والمشهور بين الأصحاب ، ولكن نسب إلى الشهيد في الذكرى أنّه احتمل التخيير بين المضي وبين الاعتناء بالشك (١) ، بل اختاره المحقّق الأردبيلي قدس‌سره (٢) ، ويستدلّ له بوجهين :

أحدهما : أنّ هذا هو مقتضى الجمع بين صدر صحيحة زرارة وأبي بصير المتقدّمة (٣) وذيلها ، فيحمل الأمر بالإعادة في الأوّل وبالمضي في الثاني بعد تعلّقهما بموضوع واحد وهو كثير الشك على التخيير ، هذا.

وقد أسلفنا البحث حول هذه الصحيحة مستقصى وقلنا : إنّ الكثرة والقلّة متضايفتان ، والمراد بها في السؤال الأوّل أوّل مرتبة سمّاها السائل كثير الشك مع عدم بلوغها مرتبة الكثرة بالمعنى المصطلح الّذي هو المراد بها في السؤال الثاني ، فلم يردا على موضوع واحد ليجمع بما ذكر.

مع أنّه بعيد في حدّ نفسه ، إذ كيف يحتمل التخيير مع اقترانه بالتعليل بعدم تطميع الخبيث وتعويده من النفس ، فإنّه إنّما يناسب الإلزام دون الجواز والتخيير. فنفس التعليل يشهد بأنّ الجملة الثانية ناظرة إلى موضوع آخر كما ذكرناه. فهذا الوجه ساقط جدّاً.

ثانيهما : أنّ النصوص وإن تضمّنت الأمر بالمضي ولكنّه غير ظاهر في

__________________

(١) الذكرى ٤ : ٥٦.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ١٤٦.

(٣) في ص ٥.

۳۹۸