أقول : حقّ الحال أن تكون نكرة لأنّها لو كانت معرفة لالتَبَسَتْ بالصفة في مثل : ضربت زيداً الراكب ، وحقّ ذي الحال أن يكون معرفة لأنّه لو كانت نكرة لالتبست بها أيضاً في مثل : ضربت رجلاً راكباً.

وإن تقدّم الحال على ذي الحال جاز تنكير ذي الحال نحو : جاءني راكباً رجل لعدم الالتباس حينئذٍ فإنّ الصفة لا تتقدّم على الموصوف.

واعلم أنّه لا بدّ للحال من عامل وهو إمّا فعل كما مرّ أو شبه فعل نحو : زيد ضارب عمراً قائماً ، أو معنى فعل نحو : هذا عمرو قائماً ، فإنّ معناه اُشير عمراً قائماً. وقد يحذف العامل إذا دلّ عليه قرينة كقولك للمرتحل : راشداً مهديّاً أي اذهب راشداً مهديّاً.

قال : والتمييز وهو رفع الإبهام إمّا عن الجملة في قولك : طاب زيد نفساً أو عن المفرد في قولك : عندي راقود خلّاً ، ومنوان سمناً ، وعشرون درهماً ، وملؤه عسلاً.

أقول : الضرب الثاني من ضروب الملحق بالمفاعيل التمييز وإنّما ألحق بها لما مرّ في الحال. والتمييز رفع الإبهام إمّا عن الجملة نحو قولك : طاب زيد نفساً ، فإنّ طاب زيد كلام تامّ لا إبهام في أحد طرفيه إلّا أنّ نسبة الطيّب إلى زيد مبهمة فإنّها تحتمل أن تكون إلى زيد أو إلى ما يتعلّق به من النفس والقلب وغير ذلك ونفساً ترفع ذلك الإبهام وتميّز ما هو المنسوب في الحقيقة عن غيره فالمعنى طاب نفس زيد وإنّما عدل عن تلك العبارة إلى هذه للتأكيد والمبالغة ، فإنّ ذكر الشيء مبهماً ثمّ مفسّراً أوقع في النفوس من أن يفسّر أوّلا فالتمييز فعل المتكلّم في الحقيقة لكن سمّي الاسم الّذي يرفع الإبهام به تمييزاً مجازاً وأمّا عن المفرد ، والمراد بالمفرد كلّ اسم تمّ بالتنوين نحو : عندي راقود خلّاً أي دَنّ طويل الأسفل مقيّر الداخل ، أو بنون التثنية

۵۶۷۴۴۱