فإنّ الهمزة حينئذٍ تضمّ كما عرفت ، كلّ ذلك في التصريف ويكون متضمّناً معنى افْعَلْ نحو : ضَعْ فإنّ معناه افعلْ الوضع ، وضارب أي افعلْ المضاربة ، ودحرجْ أي افعلْ الدحرجة ، واضربْ أي افعلْ الضرب ، ولذلك خصّ المثال بافعلْ.

قال : المتعدّي وغير المتعدّي. فالمتعدّي ما كان له مفعول به ويتعدّى إلى واحد كضربتُ زيداً أو إلى اثنين نحو : كَسَوْتُهُ جُبَّةً وعلمتُهُ فاضلاً ، أو إلى ثلاثة نحو : أعلمتُ زيداً عمراً خيرَ الناس. وغير المتعدّي ما يختصّ بالفاعل كَذَهَبَ زَيْدٌ.

أقول : لمّا فرغ من الصنف الثالث شرع في الصنف الرابع والخامس أعني المتعدّي وغير المتعدّي ولفظ الكتاب واضح وإنّما مثّل في المتعدّي إلى اثنين بمثالين لأنّ المتعدّي إلى المفعولين قسمان : قسم يدخل على المبتدأ والخبر ويُعَبّر عنه بأنّ مفعوله الثاني عبارة عن الأوّل نحو : علمتُ زيداً فاضلاً فإنّ الأصل زيدٌ فاضلٌ والفاضل نفس زيد. وقسم ليس كذلك نحو : كسَوتُ زَيْداً جُبّةً فإنّ زيداً وجُبّةً ليسا بمبتدأ وخبر لأنّ الجبّة غير زيد فأتى لكلّ قسم بمثال.

قال : وللتعدية ثلاثة أسباب الهمزة ، وتثقيل الحشو ، وحرف الجرّ ، نحو : أذْهَبْتُهُ وفَرَّحْتُهُ وخَرَجْتُ بِهِ.

أقول : التعدية جعل الشيء متعدّياً وذلك الشيء قد يكون لازماً فيجعل متعدّياً إلى مفعول واحد كالأمثلة المذكورة فإنّ كلّاً من ذَهَبَ وفَرِحَ وخَرَجَ لازم ، وقد صار بالهمزة والتشديد والباء متعدّياً إلى مفعول واحد ، وقد يكون متعدّياً في الأصل إلى واحد فيجعل متعدّياً إلى اثنين نحو : عَلَّمْتُه

۵۶۷۴۴۱