وهي الظرف (١) حكماً فلا بدّ لها من متعلّق مثله ، فعلاً كان ، أو شبهه ، أو معناه. فإن كان عامّاً مقدّرا فمستقرّ وإلّا فلغو.
فَمِنْ : لابتداء الغاية مكانا ، نحو سِرْتُ مِنَ البَصْرَة إلىَ الكُوفَةِ ، أو زماناً ، نحو : صُمْتُ من يومِ الجمعة ، أو غيرهما ، نحو : قرأتُ مِن آيةِ كَذا. وللتّبيين ، نحو : قوله تعالىٰ «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ» (٢) وعِنْدي عِشْروُن من الدراهم. وللتبعيض ، نحو : أخذت من الدراهم. وللبدل ، نحو : قوله تعالى «وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً» (٣). وللتعليل ، كقول الشاعر :
يُغْضي حَياءً ويُغْضىٰ مِن مَهابَتِهِ |
|
فَلا يُكَلَّمُ إلّا حين يَبْتَسِمُ |
وللظرفية ، كقوله تعالى : «مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ» (٤). وتكُون زائدة ، في غير الموجب أي المنفيّ ، نحو : «مَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا اللَّـهُ» (٥) و «هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ» (٦) وَلا تؤْذِ مِنْ اَحَدٍ.
وإلى : لانتهاء الغاية ، مكاناً ، نحو : سرتُ مِنَ الْبَصرَةِ إلى الْكُوفَةِ ، أو زماناً ، نحو : «أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ» (٧) ، أو غيرهما ، نحو : قلبي
____________________________
(١) واعلم أنّ متعلّق الظرف والجارّ والمجرور على أربعة أقسام : لانّه إمّا أن يكون من الأفعال الخاصّة أو من الأفعال العامّة ، وعلى كلّ تقدير إمّا أن يكون مذكوراً ، أو محذوفاً ، فإذا كان من الأفعال العامّة وكان محذوفاً ، فالظرف مُستقرٌّ لاستقرار ضمير الفعل فيه (ظرف) للرّبط ، وإلّا فلَغو ، لخلوّ الظرف من هذا الضمير ، والتوضيح مع الاستاذ ، والأفعال العامّة أو العموم ، هِيَ : كان ، ثبت ، حصل ، استقرّ ، ووُجِدَ مجهولاً ... ، والشبيه بالفعل في حكم الفعل.
(٢) الحجّ : ٣٠.
(٣) الزخرف : ٦٠.
(٤) فاطر : ٤٠.
(٥) آل عمران : ٦٢.
(٦) فاطر : ٣. |
(٧) بقره ، ١٨٧. |