إليه المصنف كما لا يخفى.
وهنا تقريب آخر عن المحقق اللاهيجي أيضا وهو : أنه إذا لم يكن للأصلح مانع مع وجود داعيه ، لكان الإمساك عن الاصلح وافاضة غير الأصلح قبيحا ؛ لأن ترك الأصلح وأخذ غير الأصلح مذموم عقلا ، فنقول بطريق القياس الاستثنائي : إذا كان ترك الأصلح قبيحا ، كان وجود الأصلح واجبا ، ولكن ترك الأصلح قبيح فيكون وجود الأصلح واجبا (١).
بل هنا تقريب خامس وهو : أنه إذا لم يكن للأصلح مانع مع وجود داعيه ، لكان الامساك عن الأصلح وإفاضة غير الأصلح ممتنعا ؛ لأنه ترجيح للمرجوح ، وهو ممتنع ؛ لأنه يرجع إلى ترجح من غير مرجح ، وإليه أشار المحقق اللاهيجي في ضمن التقريب السابق فراجع (٢).
ولا يخفى أن الصغرى ليس كل أصلح ولو كان مقرونا بالمانع ، بل الأصلح الخاص ، وهو الذي لا يكون مقرونا بالمانع مع وجود داعيه ، وبهذا التقييد المذكور لا يرد عليه شيء من الايرادات ، وبقية الكلام في محله (٣).
وإرسال الرسل سواء كان ممكنا كما قلنا أو مقربا أو أصلح ، واجب بالتقريبات المذكورة فتدبر جيدا.
الرابع : في عمومية مقتضى البرهان ، إذ برهان اللطف سواء كان بمعناه الفلسفي أو الكلامي ، يقتضي لزوم اتمام الحجة على الناس وارشادهم وتزكيتهم في جميع الأدوار والأمكنة ، ولذا نعلم بأن ذلك لا يختص بمناطق الحجاز والشامات والعراق وايران ونظائرها ، إذ التكليف أو الغرض ، وهو نيل الإنسان إلى كماله اللائق به والسعادة في الدارين ، لا يختص بقوم دون قوم ، بل كل مكلفون ومنذرون ، كما نص عليه في قوله عزوجل : «إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً
__________________
(١) سرمايه ايمان : ص ٨١.
(٢) سرمايه ايمان : ص ٨١.
(٣) سرمايه ايمان : ص ٨١.