ثم إن هاهنا سؤالا وهو أن مقتضى كلام الإمام علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ هو أنه تعالى لا يوصف بشيء من الصفات فكيف يجتمع هذا مع توصيفه بالأوصاف المشهورة كالعلم والقدرة والحياة والسمع والبصر وغيرها؟
يمكن الجواب عنه بأن مقتضى الجمع بين قوله المذكور وبين قوله ـ عليهالسلام ـ في صدر هذه الخطبة في توصيفه تعالى : «الذي ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا اجل محدود» هو أن له صفة غير محدود وحيث أن غير المحدود لا يتكرر ولا يتثنى ، فصفته متحدة مع ذاته التي تكون غير محدود ، وعليه يرجع إثبات الصفة إلى الصفة المتحدة مع الذات ، كما أن النفي يرجع إلى الصفات المحدودة الزائدة على الذات فلا منافاة (١). كما ارتفعت المنافاة بين ذيل تلك الخطبة وتوصيفه تعالى في الكتب الإلهية والسنن القطعية بالأوصاف المشهورة ولابن ميثم هنا جواب آخر أغمضنا عنه وأحلناه إلى مقام آخر فراجع.
دفع شبهات
إن الماديين ذهبوا إلى مقالة سخيفة وهي إنكار المبدأ المتعال مع أن هذه المقالة لا يساعدها دليل عقلي ولا دليل عقلائي ، بل يدلان على خلافها ولا بأس بالاشارة إليها والجواب عنها هنا (٢).
ولا يخفى عليك أنهم ذهبوا إلى ما ذهبوا ، إما فرارا من التكليف فإن الاعتقاد بالمبدإ والمعاد يحدد الحرية الحمقاء ، مع أن التحديد الإلهي يوجب
__________________
(١) راجع جهان بينى : ص ٥٦.
(٢) راجع كتاب «فلسفتنا» ، وكتاب «آموزش عقائد» وغيره من الكتب.