للواجب المتعالي. وان أبيت عن ذلك فهو لا محالة ينتهي إلى الواجب بالبراهين السابقة أو يكون من منبهات الفطرة التوحيدية ، فالعالم تحت تدبير الله تعالى الحكيم المتعال.
هذه جملة من محكمات الأدلة الدالة على إثبات المبدأ المتعال ، وكلّها عدا دليل الفطرة أدلة عقلية بعضها بديهي والبعض الآخر نظري. وكيف كان فكلّها منبهات بالنسبة إلى ما تسوق إليه الفطرة من المعرفة القلبية نوّر الله قلوبنا بنور الإيمان وثبتنا عليه إلى يوم لقائه.
الأمر الثاني : في بيان أنواع صفاته تعالى
ولا يخفى عليك أن مقتضى الأدلة السابقة الدالة على إثبات المبدأ المتعال هو أنه تعالى واجب الوجود ومطلق وصرف ، فإذا كان كذلك فخصائص الممكنات مسلوبة عنه ؛ لمنافاتها مع وجوب وجوده وإطلاق كماله ، فإذا كانت الخصائص المذكورة منفية عنه ، فواضح أنه ليس بجسم ولا مركب ولا مرئي ولا صورة ولا جوهر ولا عرض ، كما أنه لا ثقل ولا خفة ولا جهة ولا قيد ولا شرط ولا حركة ولا سكون ولا نقصان ولا مكان ولا زمان له ؛ لأن كلّ هذه الامور من لوازم الإمكان والمحدودية وخصائصها ، وبالآخرة هذه السوالب تستلزم اتصاف ذاته بالصفات الكمالية ، فإن سلب أحد النقيضين في حكم إثبات النقيض الآخر ، وإلّا لزم ارتفاع النقيضين وهو محال.
فاذا كان المبدأ المتعالي مسلوبا عنه النقائص والعيوب ، فهو لا محالة يكون صرف الوجود وصرف الكمال وغنيا ومستقلا في ذاته ، وثابتا ومطلقا وواجدا لجميع الأوصاف الكمالية ، وإلّا لزم المحدودية وهي من خصائص الممكنات.
فالأدلة الدالة على إثبات المبدأ تدل بالإجمال على الصفات السلبية والثبوتية أيضا. هذا كلّه بيان إجمالي للصفات ، وأما تفصيلها فهو بأن يقال :