٨ ـ عقيدتنا في أحكام الدين
نعتقد أنه تعالى جعل أحكامه من الواجبات والمحرمات وغيرهما طبقا لمصالح العباد في نفس أفعالهم ، فما فيه المصلحة الملزمة جعله واجبا ، وما فيه المفسدة البالغة ، نهى عنه ، وما فيه مصلحة راجحة ندبنا إليه ، وهكذا في باقي الأحكام وهذا من عدله ولطفه بعباده ولا بد أن يكون له في كل واقعة حكم ، ولا يخلو شيء من الأشياء من حكم واقعي لله فيه ، وإن انسد علينا طريق علمه.
ونقول أيضا : إنه من القبيح أن يأمر بما فيه المفسدة أو ينهى عما فيه المصلحة ، غير أن بعض الفرق من المسلمين يقولون : إن القبيح ما نهى الله تعالى عنه ، والحسن ما أمر به ، فليس في نفس الأفعال مصالح أو مفاسد ذاتية ، ولا حسن أو قبيح ذاتيان ، وهذا قول مخالف للضرورة العقلية ، كما أنهم جوزوا أن يفعل الله تعالى القبيح فيأمر بما فيه المفسدة ، وينهى عما فيه المصلحة ، وقد تقدم أن هذا القول فيه مجازفة عظيمة ، وذلك لاستلزامه نسبة الجهل او العجز إليه سبحانه تعالى علوا كبيرا (١)
(١) ولا يخفى عليك أن هذا البحث من متفرعات الأصل الثابت الذي