للمعرفة والتفكير ، ومفتحا للأذهان وموجّها لها على ما تقتضيه طبيعة العقول.
فلا يصحّ ـ والحال هذه ـ أن يهمل الإنسان نفسه في الامور الاعتقادية أو يتّكل على تقليد المربين أو أيّ أشخاص آخرين ، بل يجب عليه بحسب الفطرة العقلية المؤيدة بالنصوص القرآنية أن يفحص ويتأمل وينظر ويتدبر في اصول اعتقاداته (٣) المسماة باصول الدين التي أهمها التوحيد.
(٣) ولا يخفى أن المصنف أضاف في هامش الكتاب ما هو بلفظه «إنه ليس كل ما ذكر في هذه الرسالة هو من اصول الاعتقادات فإن كثيرا من الاعتقادات المذكورة كالقضاء والقدر والرجعة وغيرها لا يجب فيها الاعتقاد ولا النظر ويجوز الرجوع فيها إلى الغير المعلوم صحة قوله كالأنبياء والأئمة ، وكثير من الاعتقادات من هذا القبيل ، كان اعتقادنا فيها مستندا إلى ما هو المأثور عن أئمتنا من صحيح الأثر القطعي».
حاصله : هو التفصيل بين اصول الاعتقادات بمعنى أساسها وبين غيرها بكفاية الأدلة السمعية في الطائفة الثانية دون الاولى من التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد.
وفيه أولا : أن في غير إثبات التوحيد والعدل والنبوة كالإمامة والمعاد يمكن الاكتفاء بالأدلة السمعية القطعية وإن كان لهما أدلة عقلية أيضا فإنه بعد إثبات المبدأ والنبوة يكون قول النبي في الإمامة والمعاد كافيا ومفيدا للعلم والجزم ، ويمكن الاعتقاد به ولا حاجة إلى إقامة الأدلة العقلية ، نعم الاستدلال بالأدلة العقلية في مثلهما يوجب قوة واشتدادا.