يحسن بعض الأفعال ، كالصدق النافع والعدل ، وقبح بعضها كالظلم والكذب الضار ، والشرع أيضا يحكم بها في بعض الأفعال ، والحسن العقلي ما لا يستحق فاعل الفعل الموصوف به الذم ، والقبيح العقلي ما يستحق به الذم ، والحسن الشرعي ما لا يستحق به العقاب ، والقبيح ما يستحق به ، وبإزاء القبح ، الوجوب ، وهو ما يستحق تارك الفعل الموصوف به الذم والعقاب ، ويقولون : إن الله تعالى لا يخل بالواجب العقلي ، ولا يفعل القبيح العقلي البته ، وإنما يخل بالواجب ويرتكب القبيح جاهل أو محتاج ، واحتج عليهم أهل السنة بأن الفعل القبيح كالكذب مثلا ، قد يزول عند اشتماله على مصلحة كلية عامة ، والأحكام البديهية ككون الكل أعظم من الجزء لا يمكن أن يزول بسبب أصلا» (١).
ج : قال العلّامة الحلي ـ قدسسره ـ في شرحه عليها ، المسمّى بكشف الفوائد : «فعند الاشاعرة أنّه لا حسن ولا قبح عند العقل ، بل الحسن ما أسقط الشارع العقاب عليه ، والقبيح ما علق الشارع العقاب بفعله ، وليس للفعل صفة باعتبارها يكون حسنا أو قبيحا ، وإنما الحسن والقبيح بجعل الشارع ، فكل ما أمر به فهو حسن ، وكل ما نهى عنه فهو قبيح.
وقالت المعتزلة : إن من الأشياء ما هو حسن في نفسه ، لا باعتبار حكم الشارع ، ومنه ما هو قبيح في نفسه لا بحكم الشارع ، والفعل الحسن يشتمل على صفة تقتضي حسنه ، وكذا القبيح ، وبعضهم عللهما بذوات الأفعال لا بصفاتها ، وجعلوا الشرع كاشفا عما خفي منها ، لا سببا فيهما ، فمن الأشياء ما يعلم بضرورة العقل حسنه أو قبحه ، كحسن الصدق النافع ، وقبح الكذب الضار ، وحسن الاحسان وقبح الظلم ، ومنها ما يعلم حسنه وقبحه عقلا بالنظر والاستدلال ،
__________________
(١) كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد : ص ٦٤.