وإليه يذهب المعتزلة بأسرها إلّا ضرارا منها وأتباعه ، وهو قول كثير من المرجئة (١) ، وجماعة من الزيدية والمحكمة (٢) ، ونفر من أصحاب الحديث ، وخالف فيه جمهور العامة وبقايا ممن عددناه ، وزعموا أن الله تعالى خلق أكثر خلقه لمعصيته وخص بعض عباده بعبادته ، ولم يعمهم بنعمه ، وكلف أكثرهم ما لا يطيقون من طاعته وخلق أفعال جميع بريته وعذب العصاة على ما فعله فيهم من معصيته ، وأمر بما لم يرد ونهى عما أراد وقضى بظلم العباد وأحب الفساد وكره من أكثر عباده الرشاد ، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا (٣).
ب : قال المحقق نصير الدين الطوسي ـ قدسسره ـ في قواعد العقائد ، في مقام تبيين ما ذهب إليه العدلية من الحسن والقبح العقليين : «فصل ـ الأفعال تنقسم إلى حسن وقبيح ، وللحسن والقبح معان مختلفة : فمنها أن يوصف الفعل الملائم أو الشيء الملائم بالحسن وغير الملائم بالقبح ، ومنها أن يوصف الفعل أو الشيء الكامل بالحسن والناقص بالقبح ، وليس المراد هنا هذين المعنيين.
بل المراد بالحسن في الأفعال ما لا يستحق فاعله بسببه ذما أو عقابا ، وبالقبح ما يستحقهما بسببه.
وعند أهل السنة ليس شيء من الأفعال عند العقل بحسن ولا بقبيح ، وإنما يكون حسنا أو قبيحا بحكم الشرع فقط. وعند المعتزلة أن بديهة العقل تحكم
__________________
(١) الذين يعتقدون بأن مع الايمان لا تضر المعصية ، وسمّوا بالمرجئة لاعتقادهم بأن الله أرجى تعذيبهم إي اخّره عنهم وبعّده أو لاعتقادهم بأن أهل القبلة كلهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالايمان ، مع رجاء المغفرة لجميعهم (راجع كتاب مولى علي الرازي ص ٤٥ المطبوع في أواخر كتاب منتهى المقال وكتاب فرق الشيعة ، ص ٢٧ طبع النجف).
(٢) وفي الملل والنحل للشهرستاني : هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي ـ عليهالسلام ـ ... ج ١ ص ١١٥.
(٣) أوائل المقالات : ص ٢٤ ـ ٢٥.