وإلاّ وجبت المبادرة من دون الوضوء (١)


يقصد بالوضوء خصوص المس الواجب لأنه مقدّمة لحصّة خاصّة منه وهو المس المتصف بالوجوب ، إذ لا يتحقّق إلاّ بالوضوء كما لا تتحقّق الصلاة الواجبة إلاّ بطهارة البدن وغيرها من المقدّمات.

(١) لتزاحم حرمة هتك الكتاب مع حرمة المس من دون وضوء ، وحيث إن الحرمة في الهتك أقوى وآكد فتسقط الحرمة عن المس ويحكم بوجوب المبادرة إلى الإخراج أو التطهير من دون وضوء ، ولا يجب التيمم حينئذ وإن كان ميسوراً للمكلف على وجه لا ينافي المبادرة ولا يستلزم هتك الكتاب ، كما إذا تيمم حال نزوله في البالوعة ، والوجه في ذلك أن التيمم إنما يسوغ عند فقدان الماء حقيقة أو العجز من استعماله ولم تثبت مشروعيته في غير الصورتين ، مثلاً إذا توقف إنقاذ الغريق على دخول المسجد والمكث فيه ، وفرضنا أن المكلف جنب لا يتمكن من الغسل لضيق المجال بحيث لو اغتسل لم يتمكن من إنقاذه ، لم يجز له التيمم لعدم مشروعيته لضيق الوقت بعد كون المكلف واجداً للماء.

بل قد يستشكل في مشروعية التيمم لضيق وقت الصلاة ، لأنه إنما شرع في حق فاقد الماء والعاجز عن استعماله فحسب ، فيحتاج جوازه لضيق الوقت إلى دليل آخر ولا دليل عليه ، هذا.

نعم ، يمكن أن يقال بوجوب التيمم لضيق وقت الصلاة ، للضرورة والإجماع القائمين على أن الصلاة لا تسقط بحال ، وهي مشروطة بالطهور وحيث لا يتمكن المكلف من الغسل أو الوضوء فلا مناص من أن يتيمم للصلاة. ويمكن الاستدلال عليه بقوله عزّ من قائل ﴿ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ (١) أي إلى منتصفه ، لدلالتها على أن الصلاة لا بدّ من إقامتها على كل حال بين حدي الدلوك والغسق ، وحيث أنها مشروطة بالطهور والمكلف غير متمكن من الغسل أو الوضوء‌

__________________

(١) الإسراء ١٧ : ٧٨.

۵۰۹