ومس الورق وأقرأه » (١) وذلك لإرسالها.

بل لموثقة أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عمن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء؟ قال : لا بأس ولا يمس الكتاب » (٢) فان دلالتها على ما ذهب إليه المشهور من حرمة مس كتابة القرآن على غير المتطهر غير قابلة للمناقشة.

الجهة الثانية : هل ينعقد النذر بمس الكتاب؟ قد يقال إن صحة نذر المس يتوقف على رجحانه في نفسه ولا رجحان في مس الكتاب. وفيه أن بعض أفراد المس وإن كان كذلك إلاّ أن من أفراده ما لا شبهة في رجحانه ، كما إذا نذر مس الكتاب بتقبيله لأنه كتقبيل الضرائح المقدسة ويد الهاشمي ، أو مَن قصد به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعظيم للشعائر ولا تأمل في رجحانه.

الجهة الثالثة : إذا بنينا على عدم استحباب الوضوء في نفسه ، فهل يصح أن يؤتى به لغاية المس؟ قد يقال إن الغاية وما يتوقف عليه الوضوء ليس هو المس نفسه بل الغاية جواز المس ومشروعيته فليست الغاية فعلاً اختيارياً صادراً من المكلفين وإنما هي حكم شرعي ، وحيث إن الوجوب الغيري لا يتعلق إلاّ بما هو مقدّمة للفعل الصادر من المكلفين ، وليس الأمر في المقام كذلك لما عرفت ، فلو وجب المس بالنذر أو بغيره لم يكن ذلك الوجوب كافياً في تشريع الوضوء والأمر به (٣).

ويرد عليه : أن مقدمة الواجب قد تكون مقدّمة لذات الواجب وقد تكون مقدّمة للواجب بوصف الوجوب ، وكلتاهما مقدّمة للواجب ، ومن هنا ذكرنا في التكلم على وجوب مقدمة الواجب وعدمه أن مقدّمات الصحّة أيضاً داخلة في محل الكلام ، مع أنها ليست مقدّمة لوجود الواجب وذاته كتطهير البدن والثياب بالنسبة إلى الصلاة فلا فرق بين مقدّمة ذات الواجب ومقدمة الواجب بوصف الوجوب ، فعلى القول بوجوب مقدّمة الواجب يتصف كلتا المقدمتين بالوجوب ، ولا مانع على ذلك من أن‌

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ١ : ٣٨٣ / أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٢ ، ١.

(٣) كما في المستمسك ٢ : ٢٧٣.

۵۰۹