ولو تبيّن بعد هذا الوضوء كونه محدثاً بأحد النواقض المعلومة كفى ولا يجب عليه ثانياً (١)


على التقية ، وحيث إن الأخبار الآمرة بالوضوء بعد المذي أو غيره من الأُمور المتقدِّمة ظاهرة في الوجوب والمولوية ، فمقتضى الجمع بين الطائفتين أن يلغى ظهورها في الوجوب بحملها على الاستحباب لا حملها على التقية كما لا يخفى ، هذا.

والصحيح ما أفاده الماتن قدس‌سره وذلك لأن الروايات الواردة في المقام ليست بظاهرة في الحكم المولوي ، وإنما ظاهرها أن الوضوء يفسد وينتقض بالمذي أو غيره بل بعضها صريح في ذلك فلاحظ. كما أن الأخبار المعارضة لها ظاهرة في نفي الفساد والانتقاض ، وظاهر أن الانتقاض وعدم الانتقاض أمران متناقضان ولا معنى للفساد أو الانتقاض استحباباً. إذن لا بدّ من حمل الطائفة الأُولى على التقية فلا يبقى بذلك معنى ومقتض للحكم بالاستحباب. نعم لا بأس بالتوضؤ برجاء المطلوبية كما في المتن.

(١) إذا بنينا على استحباب الوضوء بعد المذي وغيره من الأُمور المتقدِّمة ، وفرضنا أن المكلف توضأ بعد المذي أو غيره ثم انكشف كونه محدثاً بأحد النواقض المعلومة صحّ وضوءه وكفى في رفع حدثه ، لأنه أتى به صحيحاً وإن اعتقد استحبابه وعدم رافعيته للحدث ، وذلك لأنه من الخطأ في التطبيق وهو غير مضر بصحة الوضوء ، إذ لا يعتبر في صحته قصد رفع الحدث به. وكذا إذا بنينا على عدم استحبابه وفرضنا أن المكلف توضأ برجاء الأمر والمحبوبية الفعليتين ، ثم انكشف أنه محدث بأحد النواقض واقعاً فإنّه يحكم بصحة وضوئه وارتفاع حدثه ، حيث أتى به على وجه صحيح ، والمفروض حدثه ، ووضوءه متعلق للأمر الفعلي واقعاً.

نعم ، قد يستشكل في الحكم بصحته بأنه من العبادات ، ولا يكون العمل عبادة إلاّ إذا قصد به التقرب إلى الله وكان أمراً صالحاً وقابلاً للتقرب به ، فمع احتمال أن العمل لغو وغير مستحب كما هو معنى احتمال الاستحباب وعدمه لم يحرز قابلية العمل للتقرب به ، ومعه لا يمكن الحكم بصحته وكفايته في رفع الحدث.

۵۰۹