كما أنه لو توضأ احتياطاً لاحتمال حدوث الحدث ثم تبيّن كونه محدثاً كفى ولا يجب ثانياً (١).


ويرد على ذلك ما قدمناه في محله ، من أن العبادة إنما تمتاز عن بقية الواجبات التوصلية باعتبار إضافتها إلى المولى جلّ شأنه نحو إضافة بعد اشتراكها معها في لزوم الإتيان بذواتها ، وهذا متحقق في المقام ، لأنه أتى بذات العمل وهو الوضوء وقد أضافها إلى الله سبحانه ، حيث أتى بها برجاء استحبابها ومعه لا بدّ من الحكم بصحّته إذ لا يستفاد من أدلّة اعتبار قصد الأمر في العبادات إلاّ إضافتها إلى المولى فحسب وقد ورد في بعض الأخبار : « أن العبد ليصلي ركعتين يريد بهما وجه الله عزّ وجلّ فيدخله الله بهما الجنّة » (١) وفي آخر : « إذا كان أول صلاته بنية يريد بها ربّه فلا يضره ما دخله بعد ذلك » (٢) والمفروض أن المكلف في المقام إنما أتى بالوضوء بنية يريد بها ربّه وهذا يكفي في صحته.

ودعوى أنه أتى به مقيداً باستحبابه ، فاذا انكشف عدم كونه مستحباً واقعاً وقع باطلاً لا محالة ، مندفعة بما سيأتي في مورده من أن الوجوب والاستحباب صفتان للأمر الصادر من المولى وليسا من أوصاف العمل المأمور به ، فتقييد العمل بأحدهما لا معنى محصل له ، وغاية الأمر أن يكون الداعي والمحرك له إلى نحو الوضوء هو الاستحباب أو الوجوب بحيث لو كان علم بانتفائه لم يكن يأت به جزماً. إذن فالمقام من تخلف الداعي لا التقييد وتخلف الدواعي غير مضر بصحة العبادة بوجه. والخلاصة أن الوضوء المأتي به برجاء الأمر الفعلي أو الاستحباب الواقعي محكوم بالصحة وهو يكفي في رفع الحدث ، قلنا باستحباب الوضوء بعد الأُمور المتقدِّمة أم لم نقل.

(١) الوجه في ذلك قد ظهر مما سردناه في الفرع المتقدم فلا نطيل.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٦١ / أبواب مقدمة العبادات ب ٨ ح ٨.

(٢) الوسائل ١ : ١٠٧ / أبواب مقدمة العبادات ب ٢٤ ح ٣.

۵۰۹