ومنها : صحيحة معمر بن خلاد قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل به علة لا يقدر على الاضطجاع ، والوضوء يشتد عليه ، وهو قاعد مستند بالوسائد فربما أغفى وهو قاعد على تلك الحال؟ قال : يتوضأ ، قلت له : إن الوضوء يشتد عليه لحال علته ، فقال : إذا خفي عليه الصوت فقد وجب عليه الوضوء ... » (١) وذلك بتقريبين :

أحدهما : أن الإغفاء وإن كان قد يطلق ويراد به النوم إلاّ أنه في الصحيحة بمعنى الإغماء ، وذلك لأن كلمة « ربّما » تدل على التكثير بل هو الغالب فيها على ما صرح به في مغني اللّبيب (٢) ، ومن الظاهر أن ما يكثر في حالة المرض هو الإغماء دون النوم.

ويندفع بأن الإغفاء في الصحيحة بمعنى النوم ولم تقم قرينة على إرادة الإغماء منه وأما كلمة « ربما » فهي إنما تستعمل بمعنى « قد » كما هو الظاهر منها عند الإطلاق ، فمعنى الجملة حينئذ : أنه قد يطرأ عليه الإغفاء أي النوم ، وإنما احتيج إلى استعمال تلك الكلمة مع أن النوم قد يطرأ على الإنسان من دون أن يحتاج إلى البيان ، نظراً إلى أن النوم وهو قاعد متكئ على الوسادة خلاف المعتاد ، إذ العادة المتعارفة في النوم هو الاضطجاع.

وثانيهما : أن قوله عليه‌السلام في ذيل الصحيحة : « إذا خفي عليه الصوت فقد وجب عليه الوضوء » يدل على أن خفاء الصوت على المكلف هو العلة في انتقاض الوضوء ، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق في ذلك بين أن يستند إلى النوم وبين استناده إلى السكر ونحوه من الأسباب المزيلة للعقل.

وفيه : أن الخفاء على نحو الإطلاق لم يجعل في الصحيحة مناطاً للانتقاض ، وإنما دلّت الصحيحة على أن خفاء الصوت في خصوص النائم كذلك ، وهذا لأن الضمير في « عليه » راجع إلى الرجل النائم ، فلا دلالة في الصحيحة على أن مجرد خفاء الصوت ينقض الوضوء.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٥٧ / أبواب نواقض الوضوء ب ٤ ح ١.

(٢) مغني اللّبيب ١ : ١٨٠.

۵۰۹