ومنها : ما رواه الصدوق في العلل والعيون عن الرضا عليه‌السلام قال : « إنما وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ومن النوم إلى أن قال وأما النوم فإن النائم إذا غلب عليه النوم يفتح كل شي‌ء منه واسترخى ، فكان أغلب الأشياء عليه فيما يخرج منه الريح فوجب عليه الوضوء لهذه العلّة » (١) وذلك لوحدة الملاك ، حيث إن من ذهب عقله لسكر أو إغماء ونحوهما يسترخي مفاصله ويفتح منه كل شي‌ء ، والغالب في تلك الحالة خروج الريح كما في النائم بعينه ، فهو ومن ذهب عقله سيّان في المناط.

والاستدلال بهذه الرواية في المقام قابل للمناقشة صغرى وكبرى. أما بحسب الصغرى ، فلأنه لم يعلم أن الجنون أو غيره من الأسباب المزيلة للعقل يستتبع الاسترخاء كالنوم.

وأما بحسب الكبرى ، فلأن الرواية كما مر إنما وردت لبيان حكمة التشريع والجعل والاطراد غير معتبر في الحِكَم ، ومن ثمة أوجبنا الوضوء على النائم وإن علم بعدم خروج الريح منه ، ولا يحكم بارتفاع الطهارة في من له حالة الفتور والاسترخاء إلاّ أن يعلم بالخروج. على أن الرواية ضعيفة السند كما مر.

ومنها : رواية دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام « إن الوضوء لا يجب إلاّ من حدث ، وأن المرء إذا توضأ صلّى بوضوئه ذلك ما شاء من الصلاة ، ما لم يحدث أو ينم أو يجامع أو يغم عليه أو يكن منه ما يجب منه إعادة الوضوء » (٢).

ويرد عليه : أن مؤلف كتاب الدعائم وإن كان من أجلاء أصحابنا ، إلاّ أن رواياته مرسلة وغير قابلة للاعتماد عليها بوجه. على أن الرواية تشتمل على انتقاض الطهارة بالإغماء فحسب ، والتعدِّي عنه إلى الجنون والسكر وغيرهما من الأسباب المزيلة للعقل يحتاج إلى دليل. وعلى الجملة أن العمدة في المسألة هو الإجماع كما عرفت.

__________________

(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادرها في ص ٤٤٣.

(٢) المستدرك ١ : ٢٢٩ / أبواب نواقض الوضوء ب ٢ ح ٤. دعائم الإسلام ١ : ١٠١.

۵۰۹