وأما إذا خرجت منه قبل أن يتوضأ فلا يبعد جواز الاكتفاء بالوضوء لأن الحدث الأصغر معلوم ووجود موجب الغسل غير معلوم ، فمقتضى الاستصحاب وجوب الوضوء وعدم وجوب الغسل (١).


( قدس‌سره ) هذا فيما إذا كان المكلف متوضئاً بعد الاستبراء بمكان من الوضوح ، وأما إذا خرجت منه الرطوبة قبل أن يتوضأ فستسمع الكلام عليه في التعليقة الآتية إن شاء الله.

(١) قد يقال إن المقام من موارد استصحاب كلي الحدث ، وهو من استصحاب القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلي ، بناء على أن الحدث الأكبر والأصغر متضادان بحيث لو طرأ أحد أسباب الأكبر ارتفع الأصغر وثبت الأكبر مكانه ، وذلك لأن الحدث بعد ما توضأ المكلف في مفروض المسألة مردد بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع ، لأن الرطوبة المرددة على تقدير أن تكون بولاً واقعاً فالحدث مقطوع الارتفاع ، وعلى تقدير أن تكون منياً كذلك فهو مقطوع البقاء ومقتضى استصحاب الحدث الجامع بينهما المتيقن وجوده قبل الوضوء بقاء الحدث ومعه يجب عليه الغسل بعد الوضوء حتى يقطع بارتفاع حدثه الثابت بالاستصحاب.

نعم ، إذا بنينا على أن الحدث الأكبر والأصغر فردان من الحدث وهما قابلان للاجتماع ، أو أن الأكبر مرتبة قوية من الحدث وإذا طرأت أسبابه تبدلت المرتبة الضعيفة بالقوية لم يجر استصحاب كلي الحدث ، لأنه من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي ، إذ المكلف بعد خروج البلل يشك في أن الحدث الأصغر هل قارنه الأكبر أو تبدل إلى مرتبة قوية أو أنه باق بحاله ، ومقتضى الأصل حينئذ أن الأصغر لم يحدث معه فرد آخر وأنه باق بحاله ولم يتبدل إلى مرتبة قوية ، ومعه لا يجب عليه الغسل بعد الوضوء ، هذا.

والصحيح ما أفاده الماتن قدس‌سره وذلك لما ذكرناه في محله من أن الاستصحاب إنما يجري في الكلي الجامع إذا لم يكن هناك أصل حاكم عليه كما إذا لم يكن المكلف متوضئاً في مفروض الكلام ، وأما معه فلا مجال لاستصحاب الجامع‌

۵۰۹