بغير صورة الاستبراء من البول ، للأخبار الدالّة على أن البلل بعد الاستبراء لا يوجب الوضوء وأنه من الحبائل ، تدلنا على أن احتمال كون البلل المردد بين البول والمني من المني المتخلف في الطريق ساقط لا يعبأ به ، لأن البول لم يدع شيئاً فهو مقطوع العدم كما أن احتمال كونه منياً نزل من محله أو بولاً كذلك مورد لأصالة العدم ، نعم لا دافع لاحتمال كونه من البول المتخلف في الطريق ، ومن ثمة حكم في الروايتين بوجوب الوضوء والاستنجاء ، هذا فيما إذا كان المكلف جنباً وقد بال.

ومن ذلك يظهر الحال فيما إذا لم يكن جنباً وذلك لأنه لا خصوصية للجنابة فيما يستفاد من الروايتين ، فلنفرض أن المكلف لم يجنب قبل ذلك ولم يخرج منه المني حتى يحتمل أن يكون البلل الخارج منه منياً متخلفاً في الطريق وإنما بال كما هو مفروض الماتن قدس‌سره ثم خرجت منه رطوبة مشتبهة ، فإن احتمال كونه بولاً أو منياً نزلا من محلهما مندفع بأصالة العدم ، واحتمال كونه بولاً متخلفاً لا دافع له ، فالرطوبة محكومة بالبولية والناقضية فلا يجب عليه إلاّ الوضوء.

فاذ قد عرفت ذلك ، ظهر لك أن ما ذكره الماتن هو الصحيح ، فان من بال ولم يستبرئ بالخرطات وخرجت منه الرطوبة المرددة بين البول والمني لم يحتمل في حقه أن تكون الرطوبة منياً تخلف في الطريق لعدم سبقه بالجنابة ، أو لو كان جنباً قبل ذلك فالبول لم يدع شيئاً في الطريق ، وأما احتمال أنها مني أو بول نزلا من محلهما فهو مندفع بأصالة العدم ولا يعتنى به بوجه. نعم احتمال أنه بول متخلف في الطريق مما لا دافع له ، لأنه لم يستبرئ على الفرض ، فالرطوبة الخارجة محكومة بالبولية والناقضية ولا يجب على المكلف سوى الوضوء كما في المتن.

وأما إذا استبرأ بالخرطات ، فكما لا يحتمل أن تكون الرطوبة منياً متخلفاً في الطريق كذلك لا يحتمل أن يكون بولاً متخلفاً لمكان الخرطات ، فيبقى احتمال كونها منياً أو بولاً نزلا من محلهما ، وكل من هذين الاحتمالين في نفسه وإن كان مورداً للأصل إلاّ أن دوران الأمر بينهما والعلم الإجمالي بأنه بول أو مني يمنع عن جريان الأصل في أطرافه ، ومعه لا مناص من الاحتياط بالجمع بين الغسل والوضوء كما ذكره الماتن‌

۵۰۹